تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويا لها من كبوة يا أستاذ شوباشي، كبوة لا تقل فداحة عن المطالبة باقتلاع اللغة العربية! ولعلمك، كون المسيحيين أقلية في الشرق الأوسط فذلك لا يضيرهم ولا يمس كرامتهم في شيء .. إنهم جزء من هذه الأمة، فما الضرر في هذا الواقع؟ وما كنت أود أن أضيف: ليت الأقليات المسلمة التي تعيش في البلدان المسيحية المتعصبة تنعم بربع أو حتى بعشر ما تتمتع به الأقليات المسيحية في كل شيء! ويؤسفني أن أضيف أن هناك من البلدان الغربية المتعصبة من ترفض دفن موتى المسلمين إذا ما ماتوا على أراضيها!

إن مجرد هذا الفصل المسيحي إضافة إلى باقي المطالب -التي تعنى في نهاية المطاف اقتلاع الإسلام من جذوره، فالقرآن كما يقول المؤلف وكما تقول كافة المراجع الغربية التي تتناول هذا الموضوع هو الذي سمح باستمرار اللغة العربية حتى القرن الواحد والعشرين، وبالتالي فإن اقتلاع اللغة العربية سيؤدي حتما إلى اقتلاع القرآن .. فهل ذلك هو حقيقة ما يسعى إليه الأستاذ شوباشي، رغم التأكيدات المتناقضة المتناثرة بطول الكتاب وعرضه بأنه لا يقصد المساس بالقرآن؟!

وهنا لا يسعنا إلا أن نسأل: هل فكر سيادته فيما سيكون عليه الحال بعد أن يتم تنفيذ مقترحاته من اختلاق لغة عربية قائمة على لهجات عامية متعددة وحذف التشكيل وإلغاء المثنى ونون النسوة وقواعد الأرقام وما إلى ذلك من مقترحات ناسفة للغة العربية، هل سيكون هناك من يمكنه قراءة القرآن وفهمه بعد جيل أو اثنين؟!

إذا ما أخذنا في الاعتبار المناخ العام الحالي، الذي لم يعد بوسع إنسان أن ينكره أو حتى أن يغفله، وكل ما يدور من محاولات لاقتلاع الإسلام وتنصير العالم، لأدركنا فداحة هذا الكتاب .. ويكفي أن نعلم أنه في 4 فبراير 2001 قرر مجلس الكنائس العالمي تحديد هذا العقد (2001 - 2010) لاقتلاع العنف والشر الذي هو الإسلام، كما يطلقون عليه، ثم قامت اللجنة المركزية لذلك المجلس بإسناد هذه المهمة للولايات المتحدة الأميركية للقيام بها لما تتمتع به من قوة عسكرية متفردة بعد أن أطاحت بالاتحاد السوفيتي، كما أن مجلس الكنائس العالمي يعد لإقامة أكبر مؤتمر دولي في التاريخ تحضره كافة الكنائس المنشقة، وهى أكثر من ثلاثمائة كنيسة وملة، لإقامة أكبر مؤتمر دولي في التاريخ للتبشير والتنصير، في الفترة من 9 - 16 مايو2005 في ضواحي أثينا باليونان ..

وإذا ما أضفنا إلى ذلك كل ما تم فرضه على العالم الإسلامي من إجراءات لتجفيف الإسلام من المنبع كما يقولون، ومنها منع تدريس القرآن في المدارس وتغيير المناهج وإدخال مواد حرفية في المعاهد الأزهرية وعدم بناء مساجد جديدة وهدم ما شيد منها قبل أن تتم إجراءات الترخيص وتحويل غيرها لاستخدامها في أغراض أخرى وتحديث الخطاب الديني بما يتفق وهذه المطالب الظالمة المهينة وكل تلك الإجراءات المشينة لنا ولكرامتنا كمسلمين، لكي لا نقول شيئا عن تلك المؤتمرات والندوات والمقالات التي تندرج تحت نفس المنظومة المتواطئة مع الغرب لأدركنا فداحة ما نحن فيه ..

وهنا لا يسعني إلا أن أضيف للأستاذ شريف الشوباشي، وكيل أول وزارة الثقافة ورئيس اللجنة الثقافية بوزارة الخارجية، كان من الأكرم بدلا من تسفيه اللغة العربية واتخاذ ذلك التسفيه حجة لاقتلاعها، أن تكرس كل هذا الجهد المنبت لتدعيم ورفع مستوى اللغة العربية واقتراح رفع مرتبات المدرسين (والميزانية تسمح فهناك من موظفي الدولة من يتقاضون مئات الآلاف من الجنيهات كراتب شهري) وعمل دورة تدريبية للمذيعين والمذيعات وفرض عدم إقحام كلمات أجنبية على أسماء البرامج والإعلانات من قبيل "ويك إند" و "توب تن" أو "مودرن أكادمي" وعلى لافتات المحال العامة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، لعدم السقوط في المستنقع الآسن لخيانة اللغة والدين فارتباطهما لا انفصام فيه ..

إن كل ما أتى به هذا الكتاب وما يطالب به يعد -كما تقول في مكان ما به- "بدعة مكروهة ومحاولة شيطانية لتقليد الغرب واقتلاع الدين والثقافة العربية الأصيلة". وما كنت أتصور أن يقبل الأستاذ شوباشي، الذي نكن له جميعا كل تقدير، بأن يكون من يقوم أو ممن يقومون بتنفيذ مطلب القس زويمر، كبير المستشرقين الذي قال من ضمن ما قاله من مطالب في مطلع القرن العشرين: "لن يقطع شجرة الإسلام إلا أيد مسلمة من الداخل" ..

عار علينا، وأي عار ..

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير