تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لماذا من ذنوبكم و ليس كل ذنوبكم]

ـ[ابو بكر عطون]ــــــــ[17 - 11 - 08, 07:12 م]ـ

قال الله عز وجل في سورة الاحقاف (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).

السؤال: الاسلام و الايمان يجب ما قبله فلماذا حددت الاية المغفرة ببعض الذنوب؟

سؤال للتدبر؟ و ما هي دلالات استخدام من لغة؟

ـ[خالد البحريني]ــــــــ[17 - 11 - 08, 10:01 م]ـ

قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى التبعيض في قوله: من ذنوبكم؟ قلت: ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله: {واتقوه وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 3 - 4]، {ياقومنا أَجِيبُواْ دَاعِىَ الله وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذنوبكم} [الأحقاف: 31] وقال في خطاب المؤمنين: {هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] إلى أن قال {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: 12] وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها {وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} إلى وقت قد سماه الله وبين مقداره، يبلغكموه إن آمنتم، وإلا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت.

وجاء في تفسير روح المعاني للألوسي:

{مّن ذُنُوبِكُمْ} أي بعضها وهو ما عدا المظالم وحقوق العباد على ما قيل، وهو مبني على أن الإسلام إنما يرفع ما هو من حقوق الله تعالى الخالصة له دون غيره، والذي صححه المحدثون في شرح ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الإسلام يهدم ما قبله» أنه يرفع ما قبله مطلقاً حتى المظالم وحقوق العباد، وأيد ذلك بظاهر قوله تعالى في آية أخرى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب: 71] بدون من، و {مِنْ} هنا ذهب أبو عبيدة. والأخفش إلى زيادة {مِنْ} فيما هي فيه، وجمهور البصريين لا يجوزون زيادتها في الموجب ولا إذا جرت المعرفة كما هنا فلا يتأتى التوفيق بذلك بين الآيتين، وجعلها الزجاج للبيان ويحصل به التوفيق، وقيل: هي للبدل أي ليغفر لكم بدل ذنوبكم ونسب للواحدي.

وجوز أيضاً أن تكون للتبعيض ويراد من البعض الجميع توسعاً. ورد الإمام الأول بأن {مِنْ} لا تأتي للبدل، والثاني بأنه عين ما نقل عن أبي عبيدة. والأخفش وهو منكر عند سيبويه والجمهور وفيه نظر ظاهر، ولو قال: إن استعمال البعض في الجميع مسلم وأما استعمال من التبعيضية في ذلك فغير مسلم لكان أولى. وفي البحر يصح التبعيض ويراد بالبعض ما كان قبل الإسلام وذلك لا ينافي الحديث وتكون الآية وعدا بغفران ما تقدم لا بغفران ما يستأنف ويكون ذاك مسكوتاً عنه باقياً تحت المشيئة في الآية والحديث، ونقل عن الأصم القول بالتبعيض أيضاً على معنى إنكم إذا آمنتم يغفر لكم الذنوب التي هي الكبائر واما الصغائر فلا حاجة إلى غفرانها لأنها في نفسها مغفورة، واستطيب ذلك الطيبي قال: والذي يقتضيه المقام هذا لأن الدعوة عامة لقوله سبحانه: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى الله شَكٌّ فَاطِرِ * السموات والارض *يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} كأنه قيل: أيها الشاكون الملوثون بأوضار الشرك والمعاصي إن الله تعالى يدعوكم إلى الإيمان والتوحيد ليطهركم من أخباث أنجاس الذنوب فلا وجه للتخصيص أي بحقوق الله تعالى الخالصة له، وقد ورد {إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] و {مَا} للعموم سيما في الشرط، ومقام الكافر عند ترغيبه في الإسلام بسط لا قبض، والكفار إذا أسلموا إنما اهتمامهم في الشرك ونحوه لا في الصغائر، ويؤيده ما روى أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله تعالى لم يغفر له فكيف ولم نهاجر وعبدنا الأوثان وقتلنا النفس التي حرم الله تعالى فنزلت {قُلْ يا عِبَادِى * الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ} [الزمر: 53] الآية، وقصة وحشي مشهورة، وجرح ذلك القاضي فقال: إن الأصم قد أبعد في هذا التأويل لأن الكفار صغائرهم ككبائرهم في أنها لا تغفر وإنما تكون الصغيرة مغفورة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير