وهناك رأي آخر في الآية وهو أن المراد بما يشاء الله أن ينساه هو ما أراد الله نسخه فيذهب من قلبه، وأيا كان المراد فليس في الآية ما يشهد لما زعمه هذا الطاعن.
الفرية الثالثة:- إن الصحابة رضي الله عنهم قد حذفوا من القران ما رأوا المصلحة في حذفه فمن ذلك آية المتعة التي أسقطها علي بتة وكان يضرب من يقرؤها؛وما روي أن أبيا كان يكتب في مصحفه "اللهم إنا نستعينك ... الخ " الدعاء ولا يوجد اليوم في المصحف.
الرد عليها: إنما يزعم هذا من يجهل ما كانوا عليه من عنايتهم بالقران وامتزاجه بلحمهم،ودمهم، وحبهم له حبا يفوق الأهل والولد، وهل يعقل أن تتفق جماعة تعد بالألوف على باطل من غير أن يقوم بينهم من ينكر ذلك ويجهر به؟ لقد أحاط الصحابة القران بسياج قوي من الحفظ والعناية فلم يزيدوا فيه حرفا أو ينقصوا منه حرفا.
أما ما ذكره عن علي رضي الله عنه أنه أسقط آية المتعة ...... الخ، فكذب وافتراء عليه لأنه إن أراد نكاح المتعة فالاية التي يستدل بها بعض القائلين بأباحته موجودة في سورة النساء لم تحذف وهي قوله تعالى: النساء (آية:24): فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضه)،ونكاح المتعة أحل للضرورة ثم حرم إلى يوم القيامة،وإن أراد متعة الحج فآيتها في القران موجودة في المصاحف إلى اليوم، قال تعالى:البقرة (آية:196): فمن تمتع بالعمره الى الحج فما استيسر من الهدي" البقرة: 196.
وأما ما ذكره عن مصحف أبي فهو دعاء وليس بقران قطعا؛ فمصاحف الصحابة لم تكن قاصرة على المتواتر بل كان بعضها مشتملا على الآحادي والمنسوخ وعلى بعض التفسيرات والأدعية والمأثورات، ومن ذلك هذا الدعاء الذي يقنت به في الوتر ووجوده في مصحف أبي لا يدل على أنه قران.
الفرية الرابعة:- قال: أن كثيرا من آياته لم يكن لها قيد سوى تحفظ الصحابة وكان بعضهم قد قتلوا في الغزوات،وذهب مهعم ما كان يتحفظونه من قبل أن يوعز أبو بكر إلى زيد بن ثابت بجمعه فلذلك لم يستطع زيد أن يجمع سوى ما كان يتحفظه الأحياء،
وأما ما كان مكتوبا على العظام وغيرها فإنه مكتوبا عليها بلا نظام،وقد ضاع بعضها وهذا ما حدا العلماء إلى الزعم أن فيه آيات نسخت لفظا وحكما.
الرد عليها:-وأما ما زعمه من أن القران لم يكن له من قيد سوى تحفظ الصحابة فمردود بأن من بقي من حفاظ الصحابة كان أكثر ممن مات بدليل قول عمر رضي الله عنه للصديق رضي الله عنه:"وإني أخاف أن يستحر القتل بالقراء في المواطن "، وكذلك زعمه أن كتابته متفرقا في العظام وغيرها كانت سببا في ضياع بعضه زعم باطل،ولو أن الاعتماد في حفظ القران على الأخذ من الصحف لجاز هذا الفرض،وليس الأمر كذلك فالمعول عليه في القران هو التلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم،أو عمن سمع منه والحفظ في الصدور،وأما الكتابة فإنما كانت لتأكيد المحفوظ في الصدور والوقوف على مرسوم الخط الذي هو توقيفي، ولا شك أن الشيء إذا توارد عليه الأمران الحفظ والكتابة يكون أدعى إلى اليقين والوثوق به والاطمئنان إليه،وقد كانوا يحافظون على المكتوب غاية الحفظ.
الفرية الخامسة:- زعم أن الحجاج لما قام بنصرة بني أمية لم يبق مصحفا إلا جمعه وأسقط منه أشياء كثيرة قد نزلت فيهم وزاد فيه أشياء ليست منه وكتب ستة مصاحف وجه بها إلى الأمصار وهي القران المتدوال اليوم وأعدم المصاحف المتقدمة التي كتبعا عثمان؛ وفعل ذلك تزلفا لبني أمية.
الرد عليها:-هذه الدعوى لا وجود لها إذ لم ينقل ذلك في أي تاريخ من التواريخ على كثرتها، وكيف يفعل الحجاج أمرا إدا كهذا له خطره،ويكثر المعارضون له،ولا يرتفع صوت في معارضته؟
ومهما قيل في قسوة الحجاج فقد كان هناك من السلف الصالح من لا يخافون في الحق لومة لائم،ويرون موتهم في هذا السبيل استشهادا، ولو فرضنا أن للحجاج قوة أسكتت المؤمنين المخلصين في حياته ألا يرجعون إلى كتابهم ويرجعونه إلى حالته الأولى بعد وفاته؟! ومثل هذا العمل من أوجب الواجبات وأعظم الفرائض على الأمة؟
الفرية السادسة:- زعم أن آية ال عمران (آية:144): وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل) من كلام أبي بكر قالها يوم السقيفة؛وكذا البقرة (آية:125):واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) من كلام عمر ثم لما جمع القران ضم إلأيه هذا الكلام.
¥