تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مناهل العرفان في علوم القرآن]

ـ[عبد الحميد شاهين]ــــــــ[24 - 11 - 08, 09:36 م]ـ

الحمد لله و صلى الله و سلم على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه.

أما بعد ..

فقد قرأت كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني رحمه الله قبل سنوات و استفدت منه كثيراً، و لا أبالغ إن قلت أنه - من وجهة نظري - من أرقى ما ألف في بابه، فهو على صغر حجمه النسبي حوى الكثير من الفوائد التي لا تجد بعضها في الكتب التي سبقته، و لغته أيضاً سهلة و تناسب عصرنا مع كونها لغة سليمة بليغة، ذلك أن الكتاب كان قد ظهر إلى الوجود لأول مرة إبان الحرب العالمية الثانية على ما يبدو (ستينيات القرن الرابع عشر) و إلى ذلك يشير الشيخ الزرقاني في مقدمته حيث يقول: " ... ثم هيأ الله تباركت آلاؤه مطبعة عاونتني على حسن إخراجه فضبطته وشكلته ونظمته وصقلته ولولا أزمة الورق الحادة للبس الكتاب حلة أبهى من هذه الحلة ... على أن الذنب في ذلك هو ذنب هذه الحرب الضروس الطاحنة التي طغت وبغت وطمت وعمت حتى لم ينج من شرها شرق ولا غرب ولا ضيق ولا رحب بل قعدت للناس بكل صراط وأثرت في جميع المرافق حتى أدوات الطبع بالطبع"مناهل العرفان م1ص1

و قد بذل المؤلف جهداً عظيماً في رد شبهات المستشرقين حول القرآن، تلك الشبهات التي ذاعت و فشت في عصره و لا زالت آثارها حتى اليوم.

و لندع الشيخ نفسه يحدثنا عن كتابه في الجزء التالي الذي اقتطفته لكم من مقدمته، و الذي يختصر فيه الشيخ فهرس الكتاب في كلمات قليلة إذا قيست بحجم الكتاب و مادته.

يقول الشيخ الزرقاني: "حاولت في هذا التأليف أمورا خمسة أولها أن تكون كتابتي من النسق الأزهري الجديد في تفكيره وفي تعبيره بحيث يتيسر فهمه وهضمه للقراء من أبناء هذا الجيل سواء منهم المحقق الأزهري والمثقف المدني فإن لكل زمان لغة ولسانا ومنطقا وبرهانا (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) إبراهيم 4 على أنني في هذه المحاولة لا أدعي أنني أنشأت وابتكرت ولا أحدثت وابتدعت بل قصاراي أنني فهمت وأحسنت العرض إذا كنت قد وفقت أما المادة نفسها فالفضل فيها لعلماء هذه الأمة الذين أبلوا في جمعها بلاء حسنا ولم يخرجوا من الدنيا إلا بعد أن شقوا لنا الطريق وقربوا البعيد وجمعوا الشتيت وتركوا من خلفهم ثروة علمية هائلة وكنوزا ثقافية زاخرة لا يوجد مثلها ولا قريب منها في أية أمة من أمم الأرض إلى يوم الناس هذا وأعتقد أننا لو أحسنا القيام على هذه التركة لكان لنا شأن غير هذا الشأن ومكانة وسلطان لا يدانيهما مكانة ولا سلطان ولكن ما قضي كان ولعل المستقبل القريب يكون أسعد من هذا الحاضر الحزين الأسوان ثانيها أن أعالج شبهات عصرنا الراهن علاجا ينحي الأذى عن طريق عشاق الحق وطلاب الحقيقة ورواد البحث ومريدي الإسلام ولقد التزمت في علاج هذه الشبهات أدب الباحث وواجب المناظر ورأيت لمثل هذا الاعتبار أن أرخي الستر على أسماء أصحاب هذه الشبه خصوصا المعاصرين منهم وتعمدت هذه السياسة محاسنة لهم عسى أن يرعووا وحبا في سلام البحث وهدوئه عسى أن يسلموا ويهدؤوا وغضا من شأنهم إن كان لهم شأن كيلا يقلدوا فإننا أصبحنا في زمان افتتن كثير من الناس فيه بالأسماء والرتب والأموال والنسب وباتوا لا يعرفون الرجال بالحق إنما يعرفون الحق بالرجال فالباطل إن صدر من فلان النابه فهو عندهم حق وزين والحق إن جاء به فلان الخامل فهو عندهم باطل وشين وهكذا اختلت الضوابط وانقلبت الموازين ثالثها أن أظهر عند كل مناسبة جلال التآخي بين الإسلام والعلم لتنكشف تلك الدسيسة الرخيصة المفضوحة التي خيلت إلى المخدوعين أن بين الدين والعلم خصومة قائمة وحربا طاحنة وعداوة متأصلة كأن الدين رديف الجهل وكأن العلم حليف الكفر (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) الكهف 5، رابعها أن أجلي أسرار التشريع وحكمه كلما دعاني المقام ليعلم من لم يكن يعلم أن هذا الدين هو حاجة الإنسانية ودواء البشرية وكمال الفرد وصلاح الجماعة ولتنقطع أنفاس تلك الدعاية الضالة دعاية فصل الدين عن السياسة والثقافة الدينية عن الثقافة المدنية وقوانين العدل ودساتير الحكم عن مقررات العقيدة وشعائر العبادة وهي أخبث الدعوات وأفسقها فيما نعلم ولئن صح أن يقال هذا في أديان قاصرة عن الوفاء بحاجات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير