وقبل الشروع في نقض ثبوت هاتين المقطوعتين أبتغي عرض كلام الشافعي في التصوف والصوفية كتوطئة بين يدي البحث وذلك على جادة الايجاز ليتيقن القارئ اللبيب من صحة ما ذهبنا إليه من القطع بعدم ثبوت ما سنورده عن الشافعي رحمه الله.
كَلَامُ الشَّافِعِيِّ () في التَّصَوُّفِ والصُّوفِيَّةِ
قال أبو نعيم الأصبهاني في الحلية ():" حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو الحسن البغدادي، ثنا ابن صاعد قال: سمعت الشافعي يقول: أُسِّسَ التصوفُ على الكَسَلِ ".
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي ():" قال الشافعي رضى الله عنه: صحبت الصوفية () فلم أستفد منهم سوى حرفين أحدهما: قولهم: الوقت سيف فإن لم تقطعه قطعك، وذكر الكلمة الآخرى ()، ونفسك إن أشغلتها بالحق وإلا اشتغلتك بالباطل "اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في كتابه الاستقامة ():" ويروى عن الشافعي أنه قال: لو تصوف رجل أول النهار لم يأت نصف النهار إلا وهو أحمق () "اهـ
وقال ():" وأما الشافعي فالمنقول عنه ذم الصوفية، وكذلك مالك فيما أظن وقد خاطب به أحمد لأبي حمزة الخراساني، وليوسف بن الحسين الرازى، ولبدر بن أبى بدر المغازلي.
وقد ذم طريقهم طائفة من أهل العلم ومن العباد أيضاً من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبى حنيفة وأهل الحديث والعباد ومدحه آخرون ().
والتحقيق فيه: أنه مشتمل على الممدوح والمذموم كغيره من الطريق .. "اهـ
ونقل ابن الجوزي عنه في التغبير () قوله ():" خلفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن "اهـ
قال الشيخ ابن تيمية ():" وما ذكره الشافعي - رضي الله عنه - من أنه من إحداث الزنادقة -[فهو] كلام إمام خبير بأصول الإسلام فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلا من هو متهم بالزندقة كابن الراوندي والفارابي وابن سينا وأمثالهم كما ذكر أبو عبد الرحمن السلمي في " مسألة السماع " عن ابن الراوندي قال: اختلف الفقهاء في السماع فأباحه قوم و كرهه قوم فأنا أوجبه - أو قال: آمر به فخالف إجماع العلماء في الأمر به "اهـ
وقال ():" أخبرنا إسماعيل بن أحمد المقري نا أحمد بن أحمد الحداد ثنا أبو نعيم الحافظ نا أبو عبد الله محمد بن جعفر ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ثنا أبو حاتم ثنا حرملة قال: سمعت الشافعي - رضي الله عنه - يقول:
ودع الذين إذا أتوك تنسكوا ... وإذا خلوا فهم ذئاب خفاف () "اهـ
إذا علمت هذا عن الشافعي عرَّفناك بما وقع في الديوان منسوباً إليه.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 09:25 ص]ـ
الهوامش:
- رأيت في ذلك المعنى رسالة بعنوان (مخالفات الصوفية للإمام الشافعي) لعبد الخالق بن محمد العماد الوصابي، وقدم لها الشيخ علي بن يحيي الحجوري. وهي رسالة غير مستوعبة وفيها أشياء لا علاقة لها بموضوعها، وهي على العموم غير جيدة.
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، دار الكتاب العربي، 1405 هـ، ج: 9، ص: 136، 137.
- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، شمس الدين ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، ص: 109.
- زاد ابن الجوزي لفظتي (عشر سنين). تلبيس إبليس (1/ 414). قلت: وهذا مستبعد عند من عرف الشافعي وسيرته لا سيما ولم يذكره خلصاء الشافعي الذين ترجموا له كالبيهقي وابن أبي حاتم وغيرهما.
- نقل ابن الجوزي أنها:" أفضل العصمة أن لا تقدر ".
- الاستقامة، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، جامعة محمد بن سعود، تحقيق محمد رشاد سالم، ج: 1. ص: 414.
- قال ابن الجوزي (تلبيس إبليس: 447):" وبإسناد عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول: لو أن رجلاً تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق. وعنه أيضاً أنه قال: ما لزم أحد الصوفية أربعين يوماً فعاد عقله إليه أبداً وأنشد الشافعي:
ودعوا الذين إذا أتوك تنسكوا ... وإذا خلوا كانوا ذئاب حقاف " اهـ
وقد سئل مفتي مصر علي جمعة: هل قال الشافعي من يدرس مع الصوفية أربعين يوماً لا يرجع له عقل؟
¥