تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 09:30 ص]ـ

المقطوعة الأولى

فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً ** فإِني وحَقِّ اللّهِ إِياكَ أنصحُ

فذالكَ قاسٍ لم يذقْ قلبهُ تُقىً ** وهذا جَهولٌ كيف ذو الجهل يصلحُ (1)

قلت: وهذا الكلام فيه من الباطل ألوان شتى، أذكر منها على سبيل الإيجاز:

الأول: نسبة عدم التقوى إلى قلب الفقيه:

وهذا باطل بالإجماع المعنوي على خلافه، قال الله تعالى:" فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً " [النساء: 78].

وقال {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65].

وقال {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 98]

وقال {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].

و قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " متفق عليه من حديث معاوية رضي الله عنه.

وقال:" خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة.

وقال:" نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين "رواه مسلم من حديث عائشة.

وقال:" خصلتان لا تجتمعان في منافق حسن سمت و فقه في الدين " رواه الترمذي في جامعه.

قال شمس الدين ابن القيم (2):" فجعل الفقه في الدين منافياً للنفاق بل لم يكن السلف يطلقون اسم الفقه إلا على العلم الذي يصحبه العمل كما سئل سعد بن إبراهيم عن أفقه أهل المدينة قال: أتقاهم.

وسأل فرقد السنجي الحسن البصري عن شيء فأجابه فقال: إن الفقهاء يخالفونك، فقال الحسن: ثكلتك أمك فريقد! وهل رأيت بعينيك فقيهاً؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الذي لا يهمز من فوقه، ولا يسخر بمن دونه، ولا يبتغى على علم علمه الله تعالى أجراً.

وقال بعض السلف: إن الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم مكر الله، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ماسواه.

وقال ابن مسعود - رضى الله عنه -: كفى بخشية الله علماً، وبالاغترار بالله جهلاً.

قالوا فهذا القرآن والسنة وإطلاق السلف من الصحابة والتابعين يدل على أن العلم والمعرفة مستلزم للهداية، وأن عدم الهداية دليل على الجهل وعدم العلم"اهـ

وقال منصور بن إسماعيل أبو الحسن التميمى الشافعي (3):"

عاب التفقهَ قومٌ لا عقولَ لهم ... وما عليه إذا عابوه من ضررِ

ما ضرَّ شمسَ الضحى والشمسُ طالعةٌ ... ألَّا يرى ضوءَها من ليس ذا بصرِ

الثاني: الوصية الجمع بين الفقه والتصوف وقد مر الكلام عن الشافعي في ذم التصوف.

الثالث: وصف الفقيه بالقسوة في قوله (فذلك قاس) (4) وقد مر التنبيه على نحو ذلك في الأمر الأول.

الرابع: قوله (فكن ليس واحداً) فيه ركاكة بخلاف شعر الشافعي الصحيح المسند إليه.

والزيادة في شعر الشافعي واقع من قديم، وقد وقع على زيادة من ذلك في شعره الشيخ تقي الدين السبكي واتهم بها علي بن جابر بن علي بن موسى بن خلف بن منصور بن عبد الله بن أبي بكر اليماني الهاشمي أبو الحسن نور الدين (5) قال فيه:"

استعرت منه جزءاً فوجدت فيه في الأبيات الضادية المنسوبة للشافعي التي أولها: (يا راكباً قف بالمحصب من منى) بيتاً زائداً وهو:

قف ثم ناد بأنني لمحمد ... ووصيه وابنيه لست بباغضِ

فتأملت خط البيت الزائد فإذا هو خط نور الدين الهاشمي ومن له معرفة يعلم أن الشافعي لا يستعمل اسم فاعل من أبغض "اهـ

ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 09:31 ص]ـ

الهوامش:

1 - لم أجد هذين البيتين إلا في الديوان المنسوب للشافعي، بتحقيق محمد عبد المنعم خفاجي. وكتاب (مجمع الحكم والأمثال) لأحمد قبش.

2 - مفتاد دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، شمس الدين ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، ج: ص: 89.

3 - من ترجمته بـ (طبقات الشافعية الكبرى) لتاج الدين السبكي.

4 - أولى الناس بوصف القسوة هم اولئك الصوفية الذين جعلوا دينهم في بطونهم كما هو متواتر، لا تخطئه عين ناظرة، ولا يد لامسة، ولذا قال الأديب أبو منصور الثعالبي في كتابه (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب): ص 176:" وقد أفصح بعض الظرفاء عن حقيقة وصفهم وجلية حالهم فقال وما قال إلا الحق:

صبحت قوما يقول قائلهم ... نحن على ذى الجلال متكله

فالوقت والحال والحقيقة والبرهان ... والرقص عندهم مثله

فلم أزل خادما لهم زمنا ... حتى تبينت أنهم أكله

وأنشدت لأبى القاسم عمر بن عبد الله الهرندى فيهم:

تبا لقوم جعلوا ... دينا لدنيا مأكله

تستروا بأنهم ... صوفية محنبله

وما يساوى نسكهم ... قمامة فى مزبله

اتخذوا شباكهم ... إحفاءهم الأسبله

وهم إذا فتشتهم ... منافقون أكله "اهـ

5 - له ترجمة في كتاب (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة) لابن حجر العسقلاني، وفيها خبر السبكي معه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير