ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 09:34 ص]ـ
المقطوعة الثانية
كيف الطريق إلى سعاد ودونها ** قلل الجبال ودونهن حتوف
والرجل حافية ولا لي مركب ** والكف صفر والطريق مخوف
قال محققه:" كنى بسعاد عن محبوبه الأكبر وهو الله تعالى! "اهـ
قلت: وهذا دأب الصوفية في التكنية عن الله تعالى بأسماء النساء كهند وسعاد وبثينة وعزة وليلى ونحوها (1).
ولذا ذكر السكسكي ذلك في ميزاتهم في كتابه (البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان).
قال الفقيه موسي بن أحمد في رسالته في الرد علي الصوفية:
يكنون عن رب السماء بزينب &^& وليلي ولبني والخيال الذي يسري
وعلل ذلك شيخهم ابن عربي الحاتمي الطائي فقال (2):" ولما أحب الرجل المرأة طلب الوصلة، أي غاية الوصلة التي تكون في المحبة، فلم يكن في صورة النشأة العنصرية أعظم وصلة من النكاح، ولهذا تعم الشهوة أجزاءه كلها، ولذلك أمر بالاغتسال منه فعمت الطهارة، كما عم الفناء فيها عند حصول الشهوة، فإن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره، فطهره بالغسل، ليرجع بالنظر إليه فيمن فني فيه (3)، إذ لا يكون إلا ذلك، فإن شاهد الرجل الحق في المرأة، كان شهوداً في منفعل، وإذا شاهده في نفسه من حيث ظهور المرأة عنه شاهده في فاعل، وإذا شاهده في نفسه من غير استحضار صورة ما تكون عنه، كان شهوده في منفعل عن الحق بلا واسطة، فشهوده في المرأة أتم وأكمل؛ لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة، فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء؛ لكمال شهود الحق فيهن (4)، إذ لا يشاهد الحق مجرداً عن المواد أبداً فإن الله بالذت غني عن العالمين، وإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعاً، ولم تكن الشهادة إلا في مادة. فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح " اهـ
قلت: إن لم يكن هذا كفراً فلا كفر في العالم! (5)
وقال تقي الدين ابن تيمية رحمه الله (6):" حتى يبلغ الأمر بأحدهم إلى أن يهوى المردان، ويزعم أن الرب تعالى تجلى في أحدهم، ويقولون: هو الراهب في الصومعة؛ وهذه مظاهر الجمال؛ ويقبل أحدهم الأمرد، ويقول: أنت الله. ويذكر عن بعضهم أنه كان يأتي ابنه، ويدعي أنه الله رب العالمين، أو أنه خلق السماوات والأرض، ويقول أحدهم لجليسه: أنت خلقت هذا، وأنت هو، وأمثال ذلك.
فقبح الله طائفة يكون إلهها الذي تعبده هو موطؤها الذي تفترشه؛ وعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً " اهـ
من تأمل بعض ذلك قطع بعدم نسبة هذين البيت إلى الإمام الشافعي وحكم بكذب من نسبهما إليه.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 09:35 ص]ـ
الهوامش:
1 - قال ابن الفارض في تائيته المسماة (نظم السلوك) التي قال فيها ابن تيمية:" وابن الفارض من متأخري الاتحادية صاحب القصيدة التائية المعروفة بنظم السلوك وقد نظم فيها الاتحاد نظماً رائق اللفظ فهو أخبث من لحم خنزير في صينية من ذهب وما أحسن تسميتها بنظم الشكوك الله أعلم بها وبما اشتملت عليه وقد نفقت كثيرا وبالغ أهل العصر في تحسينها والإعتداد بما فيها من الاتحاد " قال فيها:
ففي النشأة الاولى ترآت لأدم ** بمظهر حوا قبل حكم الأمومةِ
وتظهر للعشاق في كل مظهر ** من اللبس في أشكال حسن بديعةِ
ففي مرة (لبنى) وأخرى (بثينة) ** وآونة تدعى بعزة عزتِ
(الأبيات: 247، 248، 249)
2 - فصوص الحكم، ابن عربي، طبعة الحلبي، ج: 1، ص: 217.
3 - أي يرى أن من فني فيه (المرأة) هو عين الله تعالى.
4 - هذا رأي ابن عربي، وقد رأى غيره أن كمال شهود الحق يكون في إتيان المردان كما هو بين في عبارة ابن تيمية اللاحقة. وقال بعضهم: كلا، بل كمال الشهود في إتيان الأتان (أنثى الحمار) وليس النسوان ولا المردان ولذا قال الشعراني في ترجمة (علي وحيش): " .. وكان إذا رأى شيخ بلد، أو غيره ينزله من على الحمار ويقول: امسك رأسها حتى أفعل فيها. فإن أبى شيخ البلد تسمر في الأرض ولا يستطيع أن يمشي خطوة. وإن سمع حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه"اهـ
(الطبقات الكبرى للشعراني ج 2 ص 135)
ولبعض ذلك قال ابن عقيل الحنبلي:" فالله الله في الإصغاء إلى هؤلاء الفرَّع الخالين من الإثبات. وإنما هم زنادقة جمعوا بين مدارع العمال مرقعات وصوف، وبين أعمال الخلعاء الملحدة أكل وشرب ورقص وسماع وإهمال لأحكام الشرع. ولم تتجاسر الزنادقة أن ترفض الشريعة حتى جاءت المتصوفة فجاؤا بوضع أهل الخلاعة "اهـ
(تلبيس إبليس: ص 374)
5 - أصل هذه العبارة في (سير أعلام النبلاء) للذهبي، ج: 23، ص: 48.
6 - مجموع الفتاوى، ج: 2، ص: 378.