ـ[محمود الرشيد]ــــــــ[24 - 01 - 10, 06:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحداثة في العالم العربي هي تابعة في منهجها وتاريخها ونتائجها للحداثة الغربية؛ لأنها وليدة إشعاع الحضارة الغربية على العالم وبالتالي إشعاع فوضاه على بقية العالم بتعبير مالك بن نبي رحمه الله تعالى، وهي من قبيل تقليد المغلوب للغالب حسب تعبير ابن خلدون في المقدمة.
وبعد أن انتقلت فلسفة الحداثة إلى ديار العرب على أيدي المنهزمين فكرياً، كان لابد لهم من البحث والتنقيب عن أصول للحداثة في التاريخ العربي، لعلهم بذلك يستطيعون الحصول على تأشيرةسفر وجواز مرور إلى عقول العرب والمسلمين، فابتدأ المنظرون للحداثة العربية ينبشون كتب التراث, ويستخرجون كل شاذ ومنحرف من الشعراء والأدباء، مثل: بشار بن برد، وأبي نواس، لأن في شعرهما الكثير من المروق على الإسلام، والتشكيك في العقائد والسخرية منها، والدعوة للانحلال الجنسي.
وحين يتحدث أدونيس عن أبي نواس وعمر بن أبي ربيعة، وعن سبب إعجاب الحداثيين بشعرهما، يقول:
"إن الانتهاك هو ما يجذبنا في شعرهما، والعلة في هذا الجذب أننا لا شعوريّاً نحارب كل ما يحول دون تفتح الإنسان، فالإنسان من هذه الزاوية ثوري بالفطرة، الإنسان حيوان ثوري". كما جاء في كتابه (الثابت والمتحول ج1 صفحة 216) الذي يعد إنجيل الحداثيين.
ويقول أيضاً: ((ما نطمح إليه ونعمل له كثوريين عرب هو تأسيس عصر عربي جديد، نعرف أن تأسيس عصر جديد يفترض بادئ ذي بدء الانفصال كلياً عن الماضي، نعرف كذلك أن نقطة البداية في هذا الانفصال- التأسيس هي النقد: نقد الموروث ونقد ما هو سائد شائع ..... إن ماضينا عالم من الضياع في مختلف الأشكال الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية، إنه مملكة من الوهم والغيب تتطاول وتستمر)).
هكذا تكون الحداثة إذن: هدم للدين ثم إزالة له .. لماذا؟
لأنه ضياع ووهم وغيب مستمر!! بحسب زعم أودونيس
لقدكشف الرجل عن موقفه من الدين بكل صراحة، ولم يكن ذلك إلا للإسلام، فقد حظي الدين المسيحي باحترامه، بينما لم يتعرض لليهودية بأي نقد!
إن جذور الحداثة التاريخية الماكرة, والمياه العفنة التي سقت بذرتها الخبيثة أخرجت ثمرتها مُرَّة لا تساغ ولا تستساغ.
وأود أن أنقل ما كتبه محمد المفرجي في صحيفة المسائية العدد 1537 الصفحة 12، من كلام طيب حينما قال:
فلو علمنا أنها حداثة صادقة في توجهاتها، سامية في أهدافها؛ لكنا على رأس المستقبلين وفي مقدمة المحتفين بها، وكان لها الصدر دون المدارس الأدبية الأخرى، لكننا وجدنا القبر لها أجدر، فشققنا لها نفقاً وحفرنا لها خندقاً وأقمنا عليها نصباً وكتبنا عليه مقبرة الحداثة، وأضفنا عبارة (للتذكير هنا يدفن كل فكر دخيل
والسلام