أصرح الصحيح في ذلك -في حدود ما أعلم- ما أخرجه الإمام أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم: (عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة، قلت: من هذا. قالوا: حارثة بن النعمان. كذاكم البر كذاكم البر). والنبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ذلك في نومه ثم أخبر عائشة كما في أحد ألفاظ الحاكم: (نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارئ يقرأ فقلت: من هذا. قالوا: حارثة بن النعمان). وهذا الحديث صححه كما يظهر ابن حبان والحاكم، كما وصحح إسناده الهيثمي وحسنه ابن حجر وصححه الألباني رحمهم الله تعالى.
والحديث لم يذكر القراءة التي يقرؤها حارثة، لكن المتبادر إلى الذهن أنها قراءة القرآن. كما أن الحديث لا يصرح بأن أهل الجنة يقرؤون القرآن بعد القيامة والبعث والحساب. إنما هي رؤيا للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولم تزل الدنيا بعد موجودة. ورؤيا النبي حق، لكن لا أعلم كم في ذلك من دلالة على القراءة بعد البعث والحساب واستقرار المؤمنين في الجنة.
ومما وجدته ما أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في صفة الجنة: (حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو بكر بن الجارود، ثنا محمد بن عاصم، ثنا بشر بن عبيد الدارسي، حدثني رجل يكنى أبا عبد الله، ولا أعلم اسمه، حدثني الأعمش، عن مجاهد , عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يرفع القرآن على أهل الجنة كله ما خلا طه، و يس")
ولا أحسب مثل هذا الإسناد يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء، والقاسم بن سلام في فضائل القرآن عن شهر بن حوشب غير مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ولعل أصح ما جاء في ذلك هو قراءة المسلم ما كان يقرؤه حتى يصل منزلته في الجنة، أما بعد الاستقرار في تلك المنزلة، فالله أعلم إن كان يقرأ أم لا ...
ومن أشهر الأحاديث في ذلك: (اقرأ، وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)، وقد أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.
وقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه، وسعيد بن منصور في سننه، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال، هذا الأثر عن الضّحاك بن قيس أنه يقول: (" يا أيها الناس، علموا أولادكم وأهليكم القرآن، فإنه من كتب الله له من مسلم أن يدخله الجنة أتاه ملكان فاكتنفاه فقالا له: اقرأ وارتق في درج الجنة حتى ينزلا به حيث انتهى عمله من القرآن).
وروى الآجري في أخلاق حملة القرآن هذا الأثر: (قال محمد بن الحسين: وروي عن أم الدرداء أنها قالت: سألت عائشة عمن دخل الجنة ممن قرأ القرآن: ما فضله على من لم يقرأه. فقالت عائشة: إن عدد درج الجنة بعدد آي القرآن فمن دخل الجنة ممن قرأ القرآن فليس فوقه أحد) ... ولا أحسبه يصح.
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 01 - 09, 09:19 م]ـ
ولا يزال أهل المغرب إلى اليوم يحفظون تلك الروايات عن نافع فيما يسمونه بالعشر الصغير، وهي عشر طرق وردت عن نافعه لرواته الأربعة المشهورين الذين ذكرناهم أعلاه.
والله أعلم.
هل يعني هذا أن أصول اسحاق بن المسيبي، وإسماعيل بن جعفر معروفة؟ وهل ما تزال متصلة إلى الآن؟
ـ[أمين بن أبي القاسم البوجليلي]ــــــــ[01 - 06 - 10, 05:24 م]ـ
هل يعني هذا أن أصول اسحاق بن المسيبي، وإسماعيل بن جعفر معروفة؟ وهل ما تزال متصلة إلى الآن؟
نعم على ما أعلم هي ما زالت متصلة.
وسأتحقق من أحد الإخوة.
ـ[المتولى]ــــــــ[01 - 06 - 10, 05:42 م]ـ
اخواننا المغاربة عندهم اسانيد لا تمر بابن الجزرى وعليه فقد تتصل الطرق او الروايات فيما لم يتصل عند ابن الجزرى
والله اعلم
ـ[نافع أبو نور]ــــــــ[03 - 06 - 10, 03:42 ص]ـ
في كتاب " المختصر المفيد في معرفة أصول رواية أبي سعيد الإمام ورش " لأبي بكر محمد أبو اليمن ص 13 و14 ذكر عن رواية ورش:
قيل عنها: (أنها قراءة أهل الجنة)
سمعت هذا الكلامَ مشافهةً من غيْر واحِدٍ من المشايخ عندنا في بلاد المغرب الإسلامي، و لكنّي لم أتيقّن صحّته من عدمها، و السؤالُ المطروح هنا هو هل أنّ قراءة أهل الجنّة تكون بإحدى الرّوايات المعروفة عندنا اليوم؟ أم إنّها تكون كما روى البعض بلغة قريْش، و هي مبثوثة في كثير من القراءات.
¥