تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من لطائف السلف من النحاة]

ـ[أبو حفص المصمودي]ــــــــ[02 - 06 - 10, 04:08 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) ; حكى أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد، قال: كان أبو عثمان المازني جاء إليه يهودي وسأله أن يقرئه كتاب سيبويه، وبذل له مائة دينار. فامتنع أبو عثمان من ذلك، فقلت له سبحان الله: ترد مائة دينار مع فاقتك وحاجتك إلى درهم واحد؟ فقال: نعم يا أبا العباس: اعلم أن كتاب سيبويه يشتمل على ثلاثمائة آية من كتاب الله، ولا أرى أن أمكن منها كافراً. فسكت، ولم يتكلم. قال المبرد: فما مضت إلا أيام حتى جلس الواثق يوماً للشرب وحضر ندوماؤه (1) فغَنَّت جَارِيَةً في المجلس بشِعْرَ للعَرْجِيِّ (2) فقالت:أَظَلُوْمُ إِنَّ مُصَابَكُم رَجُلاً ... رَدَّ السَّلاَمَ تَحِيَّةً ظُلْمُ فَمَنِ الحَاضِرِيْنَ مَنْ صَوَّبَ نَصْبَ (رَجُلاً)، وَمِنْهُم مَنْ رَفَعَ. فَقَالَتْ: هَكَذَا لَقَّنَنِي المَازِنِيُّ. فقال الواثق: من بالعراق من أهل العربية ممن يرجع إليه؟ فقالوا: بالبصرة أبو عثمان المازني، وهو اليوم واحد عصره في هذا العلم. فقال الواثق: اكتبوا إلى والينا بالبصرة يسيره إلينا معظماً مبجلاً فما كان إلا أيام حتى وصل الكتاب إلى البصرة، فأمر الوالي أبا عثمان بالتوجه وسيّره على بغال البريد، فلما وصل دخل على الواثق، فرفع مجلسه وزاد في إكرامه و قَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنْ مَازِنٍ. قَالَ: أَيُّ المَوَازِنِ؛ أَمَازِنُ تَمِيْمٍ؟ أَمْ مَازِنُ قَيْسٍ؟ أُم مَازِنُ رَبِيْعَةَ؟ قُلْتُ: مَازِنُ رَبِيْعَةَ. فَكَلَّمَنِي حِيْنَئِذٍ بِلُغَةِ قَوْمِي. فَقَالَ: با اسْمُكَ؟ - (لأَنَّهُم يَقْلِبُوْنَ المِيمَ باءً، وَالبَاءَ مِيماً) - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِـ (مكر).فَقُلْتُ: بَكْرٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. فَفَطِنَ لَهَا، وَأَعْجَبَتْه، قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي هَذَا البَيْتِ؟ قُلْتُ: الوَجْهُ النَّصْبُ، لأَنَّ (مُصَابَكُم) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى: (إِصَابَتِكُم)، فَعَارَضَنِي ابْنُ اليَزِيْدِيِّ. قُلْتُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ إِن ضَرْبَكَ زَيْداً ظُلْمٌ، فَالرَّجُلُ مَفْعُوْلُ (مُصَابَكُم)، والكَلاَمُ مُعَلَّقٌ إِلَى أَنْ تَقُوْلَ: (ظُلْمٌ)، فَيَتُمُّ الكَلاَمُ. فَأُعْجِبَ الوَاثِقُ، وقال: هل لك من ولد؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، بنيّة، قال: ما قالت لك عند مسيرك؟ قلت: أنشدت قول الأعشى: أيا أبتا لا ترم عندنا .... فإنا بخير إذا لم ترمأرانا إذا أضمرتك البلا ... د نجفى ويقطع منا الرحمقال: فما قلت لها؟ قلت: قول جرير: ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح قال: علي النجاح إن شاء الله تعالى. ثم أمر لي بألف دينار، وردني مكرماً. فلما وصل جاء المبرد فقال له أبو عثمان: كيف رأيت يا أبا العباس، تركت لله مائة فعوضني ألفاً. فقال المبرد: من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه. (3) (تمت بفضل الله)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير