ما كل زول تقبل النفس طاريه إلا حبيب القلب تدمح خطاياه
وقال الشاعر عبد الله العليوي:
لا تحسبين اللي بقلبي لك شويْ لا تحسبينك زول مرَّ ونسيته
وقال الشاعر غازي بن دخيل العتيبي:
الفرق في الأفعال ما هو في الزول وإلا ترى أطيب ما من الثور زوله
لو غرّهم زوله حطوه مسؤول صاروا مثل راعي الغنم ومخيوله
وقال الشاعر خلف بن هذال العتيبي:
ولّ يا زول بوسط السوق شفته يمشي مع طلوع الشمس
هذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[29 - 08 - 10, 11:50 م]ـ
وهذه أخرى منه أيضا:
طلب إليّ أخ فاضل وصديق عزيز، وهو أستاذ جامعي شاب، يعمل مديراً لمؤسسة علمية وبحثية فتية مرموقة، طلب إليّ وهو المتخصص في اللغة العربية وآدابها، أن أبحث وأن أكتب شيئاً في مادة: بشْتَنَ، يبشتن، بشتنةً المشهورة في العامية السودانية، وهي تلك اللفظة التي يستخدمها السودانيون ومشتقاتها في معرض وصف الأشياء والأحياء والأحوال أيضاً بالسوء مطلقاً، وعدم الاستواء والانتظام، أو انعدام الرونق والبهاء فيها على وجه الخصوص.
وما كان ذلك الطلب من ذلك الصديق العالم النحرير إلاّ لحسن ظنه بشخصي المتواضع، لمّا رأى من ادّراعي وتقحُّمي و " مشاباتي " من حين لآخر ببضاعتي المزجاة في التطرق لبعض المسائل في العامية السودانية، ومحاولة تأثيل ألفاظها وتراكيبها، وبيان موضعها من اللغة العربية الفصحى، والمقابلة بينها وبين بعض العاميات العربية المعاصرة الأخرى، مقتدياً ومتأسياً في ذلك بجهود كوكبة من العلماء والباحثين الأجلاء الذين برعوا في هذا المجال أمثال: عبد الله عبد الرحمن الضرير، وعبدالله الطيب، وعون الشريف قاسم، وجعفر مرغني، وعبد الحميد محمد أحمد، وعمر شاع الدين، وإبراهيم القرشي، وعبد المنعم عجب الفيا، وخالد أحمد بابكر وغيرهم.
وقد كان أول سؤال سألته لذلك الصديق بداهةً عندما فاتحني في هذا الأمر، هو أن قلت له: " وماذا قال عون الشريف قاسم في معجمه: قاموس اللهجة العامية في السودان عن بشتن هذه؟ ". ولدهشتي فلقد أجابني بقوله: إنّ عون الشريف لم يثبت هذه اللفظة، وغفل عنها مطلقاً في كتابه، وذلك هو بالفعل شيء مدهش، لأنّ اللفظ (بشتن) على وزن " دَنْدَنَ "، ومشتقاته، هولفظ شديد الخصوصية والارتباط الذي يكاد يكون حصرياً بالعامية السودانية، وبوسع المرء أن يجد له عدة استخدامات، تشترك كلها كما أسلفنا في إعطاء معنى عام مفاده: القبح، وعدم النظام، وعدم الترتيب، والفوضى، والتنافر، وعدم العناية والتنسيق.
وهكذا على سبيل المثال، يمكن أن توصف امرأة ما بأنها (مرة مبشتنة)، يعني أنها امرأة خرقاء لا تعتني بهندامها وزينتها ومظهرها، إما طبعاً وإما لعارض ما كحالة حداد أو حزن أو اكتئاب نفسي. ويقال أيضاً (بيت مبشتن)، يعني: متسخ وغير مرتب،وأثاثه مبعثر، كما يقال: (حال مبشتن): أي سيء وغير مستقيم، وكذلك (شَعَر مبشتن): يعني ثائر وغير مرجل، او غير محلوق بعناية.
رجعت إلى قاموس اللهجة العامية في السودان للبروفيسور عون الشريف قاسم رحمه الله، وثبت لي بالفعل ما قاله صديقي من أنه لم يورد هذا الحرف المهم في كتابه الذي هو عمدة التصانيف السودانية في هذا الباب بلا ريب.
ثم إنني نظرت في معاجم اللغة الفصحى كلسان العرب لابن منظور الإفريقي، والقاموس المحيط للفيروزبادي،وتاج العروس للشريف المرتضى الزبيدي فلم أجد فيها لفظة عربية فصيحة قريبة من (بشتن) هذه في الدلالة، بما قد يحمل على الاعتقاد بأن (البشتنة) السودانية ربما تكون مشتقة منها. وما يزال البحث جارياً،فمن وجد شيئاً قريباً منها في كتب اللغة الفصحى، فليقل لنا وللقراء الكرام " عوك " تماماً للفائدة.
على أنني أود ههنا أن أسلك منهجية مغايرة، وان أجترح مقاربة فيها شيء من المغامرة نوعاً ما، وإن لم تكن بعيدة كل البعد عن منهج علم الدلالة، وذلك من أجل استكناه السبب الذي جعل السودانيين يؤلفون هذه اللفظة للدلالة على المعنى الذي بسطناه آنفا.
¥