*- ومن هذه الطبقة من العراقيين أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني: الملقّب بثعلب، وأبو العباس محمد بن يزيد الثُّمَالي الملقَّب بالمبرّد.
وأجمع أهل هذه الصناعة من العراقيين وغيرهم أنهما كانا عالِميْ عصرهما، وأن أحمد بن يحيى كان واحدَ عصره. وكان محمد بن يزيد أعذبَ الرجلين بياناً وأحفظهما للشعر المحدَث، والنادرة الطريفة، والأخبار الفصيحة، وكان من أعلم الناس بمذاهب البصريين في النحو ومقاييسه.
وكان أحمد بن يحيى حافظاً لمذهب العراقيين، أعني الكسائي والفرّاء والأحمر، وكان عفيفاً عن الأطماع الدنية، متورّعاً مِن المكاسب الخبيثة.
أخبرني المنذري أنه اختلف إليه سنةً في سماع كتاب (النوادر) لابن الأعرابي، وأنه كان في أذنه وَقْر، فكان يتولى قراءة ما يُسمَع منه. قال: وكتبت عنه من أماليه في (معاني القرآن) وغيرها أجزاء كثيرة، فما عرَّض ولا صرَّح بشيءٍ من أسباب الطمع.
قال: واختلفت إلى أبي العباس المبرد وانتخبت عليه أجزاءً من كتابيه المعروفَين (بالروضة) و (الكامل). قال: وقاطعته من سماعها على شيءٍ مسمَّى، وإنّه لم يأذن له في قراءة حكاية واحدة ممَّا لم يكن وقع عليه الشرط.
قلت: ويتلو هذه الطبقة:
** طبقة أخرى أدركناهم في عصرنا
منهم: أبو إسحاق إبراهيم بن السرِيّ الزّجاج النحوي صاحب كتاب (المعاني) في القرآن، حضرتُه ببغداد بعد فراغه من إملاء الكتاب، فألفيت عنده جماعةً يسمعونه منه. وكان متقدِّماً في صناعته، بارعاً صدوقاً، حافظاً لمذاهب البصريين في النحو ومقاييسه. وكان خدم أبا العباس المبرد دهراً طويلاً.
وما وقع في كتابي له من تفسير القرآن فهو من كتابه. ولم أتفرغ ببغداد لسماعه منه. ووجدت النسخَ التي حُملت إلى خراسان غير صحيحة، فجمعتُ منها عدّة نسخ مختلفة المخارج، وصرفت عنايتي إلى معارضةِ بعضها ببعض حتى حصَّلت منها نسخة جيّدة.
ومنهم: أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار الأنباري النحوي: وكان واحدَ عصره، وأعلمَ من شاهدتُ بكتاب الله ومعانيه وإعرابه، ومعرفته اختلاف أهل العلم في مُشْكِله. وله مؤلفات حسان في علم القرآن. وكان صائناً لنفسه، مقدَّماً في صناعته، معروفاً بالصدق حافظاً، حسن البيان عذبَ الألفاظ، لم يُذكر لنا إلى هذه الغاية من الناشئين بالعراق وغيرها أحد يخلُفُه أو يسدُّ مسدَّه.
ومن هذه الطبقة: أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عَرَفة الملقب بنِفْطَويه: وقد شاهدته فألفيتُه حافظاً للغات ومعاني الشعر ومقاييس النحو، ومقدَّماً في صناعته. وقد خدمَ أبا العباس أحمدَ بن يحيى وأخذ عنه النحو والغريب، وعُرِف به.
*وإذ فرغنا من ذكر الأثبات المتقنين، والثقات المبرِّزين من اللغويين، وتسميتهم طبقةً طبقة، إعلاماً لمن غَبِيَ عليه مكانُهم من المعرفة، كي يعتمدوهم فيما يجدون لهم من المؤلفات المرويَّة عنهم، فلنذكر بعقب ذكرهم أقواماً اتَّسموا بسمة المعرفة وعلم اللغة، وألَّفوا كتباً أودعوها الصحيح والسَّقيم، وحشَوْها ب (المزال المُفْسَد)، والمصَّحف المغيّر، الذي لا يتميّز ما يصحّ منه إلاّ عند النِّقاب المبرِّز، والعالم الفطِن، لنحذِّر الأغمار اعتمادَ ما دوَّنوا، والاستنامةَ إلى ما ألَّفوا.
(ثم ذكر هم وفي ماسبق تلخيص لنقلة اللغة العربية إلي زمنه
ومن اراد البسط في تراجمهم فليرجع لتواريخ وطبقات وتراجم النحاة ومنها:
بغية الوعاة للسيوطي وانباء الرواه للقفطي وهما اوسع كتب هذا الفن وكذلك طرفة او تحفة الاريب في تراجم نحاة مغني اللبيب للسيوطي.
وطبقات النحاة لأبي بكر الزبيدي وطبقات النحاة البصريين لأبي سعيد السّيرافي ومراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي وإشارة التعيين ونزهة الالباء لابن الأنباري وكتب التواريخ والتراجم عامة.
ومما له نفع عظيم في معرفة عقائد اهل اللغة كتاب مناهج اللغويين في تقرير العقيدة إلى نهاية القرن الرابع الهجري لفضيلة الشيخ الدكتور محمد الشيخ عليو محمد
ومما جاء في خاتمته:
.................................................. .................................................. .
¥