[ما قدروا الله حق قدره]
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[28 - 12 - 08, 03:51 م]ـ
سبحان من له المجد والثناء والحمد والبقاء ذو الجلال والاكرام
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين الذي بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آل بيته وصحبه و من تبعهم باحسان الى يوم الدين.
بحر من العلم وسر مكنون لا تبلغه المدارك العقلية ولا ارهاصات الخيال، ولا عزة الا لله عز وجل العزيز المنيع، حجب نفسه في سرادقات عزه وظلال عظمة من الكمال الباهر، والعزة عظمة ما بعدها عظمة، وواقف بعلم يتعرف عليه بالعزة والقدرة المنيعة وأسرار ملكوتية.
والعزة للعزيز المنيع ولا يرقى أي وصف أو رسم ادراك منتهى العز للعزيز الذي خلق العقل كأقرب الحقائق الالهية، فاذا اتعظ العقل أبصر وكان عقلا نافعا حريصا على طاعة الله، والعقل المخلوق كلما تصور شيئا عظيما يتصور ما هو أعظم منه، وما من شيء كامل الا والعقل يتطلع الى ما هو أكمل منه والله تعالى هو غاية الكمال.
والعزيز صفة من صفات الله عز وجل الذاتية ولا يوصف بضدها وعزته سبحانه تبهر العقول، ولا يستقل بالعز من دون الله شيء، وهو سبحانه العزيز الذي لا يستطاع مجاورته ولا ترام مداومته ولو أبدى سبحانه لغة العز لخطفت الأفهام ولو نطق ناطق العز لصمتت نواطق كل وصف.
فيا لجلال الله عز وجل، وما أجلك ربنا ووالله انا لمقصرين في عبادتك ونحن المفتقرون اليك نسألك أن تقربنا اليك سبحانك سبحانك وسعت كل شيء رحمة وعلما.
سبحانك وأنت القائل في محكم تنزيلك وقولك الحق وأنت أصدق القائلين: ما قدروا الله حق قدره، الآية، فهو سبحانه وتعالى له قدر عظيم لا تبلغه الجبال الشوامخ، وتعجز الألسن عن الوصف، وتعجز العقول عن الادراك والاحاطة، فقدره سبحانه عظيم وجليل أكبر من رسم العقل ومحيط مداركه ولو رفعت عن العقل الحجب لرأى الحقيقة ماثلة أمامه كوضح النهار.
والانسان تظهر عليه فطرة أنه مخلوق، وأنه يعرف خالقه طوعا أو كرها كلما ألمت به مصيبة أو نزل به بلاء، وعندئذ لا يتوجه الا الى الله.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: من عرف نفسه فقد عرف ربه
و قال أحد العارفين: معرفة الحق هي اثباث وحدانيته على ما أبرز من الصفات.
وعن ابن المبارك قال: المعرفة هي أن لا تتعجب من شيء، يعني أن العارف لا يتعجب مما فوق قدرته لأنه يعلم أنه ما يحدث ما حدث الا بالله، وقال النوري: لا دليل على الله الا بسواه، وقال الامام علي كرم الله وجهه باب مدينة العلم: عرفت الله بالله، وعرفت ما دون الله بنور الله يعني هو الذي خلق الخلق وجعل لهم المعرفة به نورا يستضيئون بها فمن لم يجعل الله له نورا فما له من نور، أي من لم بجعل الله له معرفة فما عرف شيئا وصار الى الجهل والظلام والكفر والضلال.
انها رحابة عظمة تخطف الألباب وحارت فيه الأفهام وانه بحر عظيم من العلم المكنون، ولقد اقتضت حكمته وعلمه أن نشهد ونكون شهودا لهذه الحقيقة التي ما بعدها حقيقة ولا ينتهي الأمر هنا بل أعمق بكثير، فكلما كان ايمانك عميقا زادت الحجج وصار علمك بها ضروريا وليس علما مكتسبا، أو بعبارة أخرى عميقة فانه يستحيل استحالة أن لا يكون الله، وصفات الله عز وجل العظيمة لا تدرك الا بمطلقها وهي صفات كلها خير وعزة وقدسية وجلال، واذا أيقنت هذه الحقيقة علمت أنه لا اله الا الله حقا وحقيقة وصرت الى السكينة وأقرب، وعلمت أنه سبحانه هو الغاية والمبتغى والمنتهى ولا شيء غيره من قبل ومن بعد سبحانه.
محبكم: عمر الريسوني