[مبحث في مجيء حرف العطف بعد (بل)]
ـ[أسامة بن سعد الهادي]ــــــــ[07 - 10 - 10, 11:56 ص]ـ
الحمد لله وبعد،
فهذا مبحث للشيخ المحدث: الشريف حاتم العوني يقرر فيه صحة مجيء (واو العطف) بعد (بل) خلافاً لمن زعم من اللغويين أن هذا الأسلوب لا يصح.
وهذا المبحث موجود في آخر شرح الشيخ لموقظة الإمام الذهبي، الصادر عن دار ابن الجوزي.
*************
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه ... أما بعد:
فقد قرأت لمن يخطيء هذا الأسلوب بحجة أن توالي حرفي عطف غير جائز، و (بل) حرف عطف، والواو كذلك.
وهذا إنما يقولونه لأنهم لم يجدوا هذا الأسلوب في كلام من يُحتج بكلامه، ولو وجدوه لأخرجوا له وجها صحيحاً في اللغة ; وهذا من الإنصاف!!!
لكني أبشر غير المحتج بكلامهم أن التخاريج ستكون حاضرة، بعد أن يسمعوا قول مالك بن الريب، كما في الأغاني لأبي الفرج (293/ 22):
يَا عَامِلاً تَحتَ الظلام مَطيَّهُ ... مُتَخايِلاً لا بل وغيرَ مُخايل
وقال صريع الغواني مسلم بن الوليد (ت208 هـ) في ديوانه (328):
مصيبة نزلت كأنها قذفت ... لا بل وقد فعلت في القلب بالنار
كما يقول أديب العربية الجاحظ في الحيوان (36/ 1): " وكما عُلِّم النَّحْلُ، بل وعُرِّفَ التُّنَوِّط من بديع المعرفة ".
ويقول العلامة اللغوي الأديب أبو القاسم الزجاجي (ت337 هـ) في أخباره (202): " فإذا كان الثوب مُخَرَّقاً لا خلاقة، قيل: ثوب مرق، وسماميط، ورعاهل، بل ومُرَدَّم "
فهاتوا التخريج إذن .... والتخريج الذي أتبرع به عليكم، أن هناك محذوفاً مقدراً، هو الفعل: أضيف، أو أزيدك، أو نحوها.
فمالك بن الريب يقول: متخايلاً لا بل (أضيف) وغير مخايل، أي: أضيف إلى ذلك قولي: (وغير مخايل)، لأن (بل) إنما تكون حرف عطف إذا كان الذي يليها ليس جملة، أ/ا إذا كان الذي يليها جملة فإنها تكون حرف ابتداء. وإن عددت (بل) حرف عطف فأنت على هذا التقدير لم توال بين حرفي عطف ; لمجيء الفعل بينها وبينها (الواو).
فإن قيل: إنما نتكلف التخريج لمن يُحتج بكلامه، أما غيره فليس أهلاً لذلك، وإلا تكلفنا تخريج أخطاء العوام ولُكْن الأعجام.
أقول: هذا شطط من القول، فلا نحن بالذين نطلب تخريج كلام الناس كله، ولا نحن بالمعرضين عنه كله. وإلا فبالله عليك (يا أخا العرب) ألم يكن في العرب العرباء تأتاء واحد، يوالي بين واوات العطف لا بين (بل) و (الواو) فقط؟! ما بال هذا لم ينقل، ولم يعد لغة، ولو شاذة؟! فدعك من الغلو في الحديث والبعد في ضرب الأمثال، فمن يكلمك في أخطاء العوام ولكن الأعجام؟!
ألم تسمع أنه كلام أحد من يُحتج بكلامهم (وهو مالك بن الريب) وكلام أحد فحول شعراء العصر العباسي الأول، (وهو صريع الغواني)، وهو كلام أديب العربية الأوحد: (الجاحظ)، وهو كلام أحد أئمة اللغة: (أبي القاسم الزجاجي).
ضابط الكلام الذي يُخرَّج حتى لمن لا يُحتج بكلامه، أن ندرك من خلال اقتداره على الكلام أو الكتابة، ومن خلال ما لديه من السليقة العربية = أنه لا يقع في ذلك الخطأ جهلاً أو عُجْمة.هنا يوجب عليك الإنصاف أن تخرج كلامه، ولا يقول لك منصف حينها: إن هذا تكلف في الاعتذار عن الأخطاء.
فمثلاً: هؤلاء الذين والوا بين (بل) و (الواو)، هل رأيتموهم والوا بين (الواو) و (الواو)، أو بين (الواو) و (الفاء)؟ لم فعلوا الأول، ولم يفعلوا الثاني؟!
بل تالله لو قرأت للجاحظ واواتٍ متوالية، لما فهمتها إلا على وجه الصواب من الكلام. أرأيت لو قرأت للجاحظ قولاً يقول فيه: " لقد نُصح فلان، وذكر، و و فما تاب ولا عقل "، ألم يكن الصواب فيه بلا إشكال أنه قدّر محذوفات، وكان الأولى أ، يكتب كلامه هكذا: لقد نصح فلان، وذكر، و ..... ، و ..... ، فما تاب ولا عقل. بل مثل هذا لو صدر من عامي، لا على وجه التأتأة والحصر، لكان هذا هو وجه كلامه، من غير تكلف في التخريج والتأويل، بل هو أبعد عن التكلف من كثير من تخاريج أصحاب الشطط لبعض كلام من يُحتج بكلامه في الضرورات الشعرية وغيرها.
فالإنصاف الإنصاف يا معشر اللغويين!!
ـ[عمر بن إبراهيم العراقي]ــــــــ[07 - 10 - 10, 04:29 م]ـ
اولا: الحمدلله على تفعيل عضويتي بعد طول إنتظار
ثانيا: بارك الله فيك كم احب هكذا بحوث