فأضاف ابن حجر في اللسان (2/ 219) أن ابن حبان ذكره في الثقات.
قلت: وفاتهما أن يحيى بن معين قال عنه: "ثقة"، كما في الجرح والتعديل (2/ 302)، والثقات لابن شاهين (109)، وتاريخ الإسلام للذهبي (4/ 583).
وفاتهما أيضاً أن علي بن المديني قال عنه في سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة له (202): "ما بحديثه بأس".
إذن فأميّة بن شبل مقبول الحديث حَسَنُه، لكن تبقى العلّتان اللتان أشار الذهبي إليهما.
- مخالفته لمعمر بن راشد، وتأتي.
- والنكارة في متنه، والتي أشار إليها البيهقي أيضاً في الأسماء والصفات، ثم ابن كثير في تفسيره.
أما رواية معمر بن راشد عن الحكم بن أبان عن عكرمة موقوفاً عليه، ليس فيه ذكر أبي هريرة ولا النبي –صلى الله عليه وسلم- فأخرجها عبد الرزاق في تفسيره (1/ 102)، ومن طريقه ابن جرير في تفسيره (4/ 533)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/ 268 - 269).
ونبّه الخطيب إلى مخالفة رواية أميّة بن شبل لرواية معمر، وكذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق.
ولا شك أن معمر بن راشد أحفظ وأتقن بمراتب من أميّة بن شبل، فحديثه أولى، ولذلك أورد ابن الجوزي هذا الحديث في العلل المتناهية، أي أنه يعدّه من الأحاديث الشديدة الضعف.
وبذلك لا يصحّ هذا الخبر من هذا الوجه إلا عن عكرمة مولى ابن عباس موقوفاً عليه.
الثانية: رواية ابن عباس عن النبي –صلى الله عليه وسلم- مرفوعة:
أخرجها ابن مردويه في تفسيره، ومن طريقة الضياء في المختارة (10/ 113 - 114) (111)، قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم: حدثنا محمد بن الفضل بن موسى: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي: حدثني أبي، عن أبيه، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن نبيَّ الله –صلى الله عليه وسلم- قال: إن بني إسرائيل سألوا موسى –عليه السلام- هل ينام ربُّك؟ ... "الحديث.
فمحمد بن عبد الله بن إبراهيم هو أبو بكر الشافعي صاحب الفوائد الشهيرة بالغيلانيات (ت354هـ)، وهو أحد الحفَّاظ المتقنين.
ومحمد بن الفضل بن موسى الرازي القُسْطاني (توفي بين 281هـ و290هـ)، قال عنه ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو صدوق. الجرح والتعديل (8/ 60) وانظر له: تاريخ بغداد للخطيب (3/ 152 - 153)، وتاريخ الإسلام للذهبي (6/ 821).
وأحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن عثمان الدَّشتكي، هو وأبوه، وجدّه من رجال التهذيب، وكلّهم مقبول، وأقلّهم هو الجدّ: عبد الله بن سعد بن عثمان، فمع أن الحافظ قال عنه: "صدوق"، إلا أنه لم يذكر عنه في التهذيب، إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات، وأنه من رجال أبي داود والترمذي والنسائي، ويضاف إليهم أنه أخرج له أبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم، كما في إتحاف المهرة لابن حجر (2/ 554رقم 2236)، وهذا يرفع (مع ما سبق) من شأنه.
وأشعث بن إسحاق بن سعد القُمي: صدوق مقبول الرواية.
وجعفر بن أبي مغيرة دينار الخزاعي القُمي: صدوق مقبول الرواية، لكنه ليس من أقوى الرواة عن سعيد بن جبير، حتى قال ابن منده في الردّ على الجهمية (15): "ليس بالقوي في سعيد بن جبير"، ومع أن الإمام أحمد هو أجل، وعبارته أجل عبارة في توثيقه، إلا أنه قدَّم أسلم المنقري عليه، وقال في هذا السياق: "جعفر ليس بالمشهور" العلل (5256)، وهو يعني أنه ليس بتامّ الشهرة؛ وكذلك ابن منده: إنما يعني (فيما يظهر) أنه ليس بأقوى ما يكون في سعيد بن جبير.
قلت: فهذا إسنادٌ ظاهره الحُسن عن ابن عباس –رضي الله عنهما- لكن له علّة، فقد خولف بوجهين:
الأول: أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (2580)، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ... بالحديث، لكنه جعله موقوفاً على ابن عباس، ليس مرفوعاً إلى النبيّ –صلى الله عليه وسلم-
وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (138)، عن ابن أبي حاتم بمثله تماماً.
وأحمد بن القاسم بن عطية الرازي أبو بكر: حافظ، وثقه ابن أبي حاتم. الجرح والتعديل (2/ 67 - 68)، وتاريخ الإسلام للذهبي (6/ 275).
فخالف أحمد بن القاسم: محمد بن الفضل بن موسى، في شيخهما أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي، فالأول رواه موقوفاً، والثاني رواه عنه مرفوعاً.
فإن لم تكن الرواية الموقوفة هي الأشبه بالصواب، فلن تكون المرفوعة إلا مساويةً لها، وعليه لا يُحكم للرفع على الوقف.
¥