تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا اكتشف شخص خللا وأمكن وضع قاعدة ضابطة له ولأمثاله فلا بد أن تكون قاعدة سليمة تحفظ مسار نفسها ولا تنخرم أو توقع في اللبس وتقتحم على الناس مواطن السلامة في الأداء، ومادام الأمر قد وسع السلف الذين كانوا جهابذة هذا العلم فليسعنا ماوسعهم وتحفظ على الناس سلامة صدورهم ونبعد عنهم أسباب الشك والريب في المعاني .. فالكلمات التي يطرحها أصحاب هذا الرأي تولد فضولا في تصور كلمات تنشأ عن تقطيع كلمة أو تركيب بين كلمتين أو ... وهذا مزلق خطر ومنعرج يحيد بالقارئ عن سلامة الصدر.

الوقفة الثالثة والعشرون:

حديث الماهر بالقرآن ... " حديث أستشف من بين ثنايا كلماته وسطوره قيما تربوية ومعالم دعوية ورؤى تواصلية لها من السمو والرفعة ما يمتد عبق خيره ليشمل الزمان والأشخاص .. يعطينا المهارة القرائية هدفا ساميا على مستوى الأمة هدفا نصبه الشارع أمام الأمة ولكن لا أمام أنه هدف يجب على كل فرد تحقيقه، فرض عين فإنه أمر بما يشق بما أن المهارة تحتاج حيثيات وإمكانيات وزمن وتكاليف والناس توزعت طاقاتهم في أرجاء الحاجات الواسعة الممتدة وفق تخصصات عمران الحياة كما نطقت به الآية " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ... " فالمهارة تتحقق ولكن متى وكيف وممن ولماذا ... ؟ فالحديث يضع الدعاة أمام حدين حد أعلى وهو طرح علينا تحقيقه في الأمة و على أعضائه أن ينهلوا قدر طاقتهم وعلى المعلمين أن يراعوا ذلك،.

ولقد قدم حدا أدنى من ا لمهارة تكريما لأصحابه وتحفيزا لغيرهم وعلى المعلمين وهيئاتهم أن يكتشفوا عوامل بناء المهارة وشرائط تحققها مادية ومعنوية .. وليكونوا كما نص الحديث هداة في هذا الباب فالمتعتع سمة تعبر عن شريحة تقضي ظروف الحياة وجوده، كل منا متعتع في غير تخصصه حاذق في مجاله كي يبقى الناس على تواصل واحتياج لبعضهم ولا يكتفي امرؤ بنفسه ولا بقدراته هكذا خلق الله الخلق لتعمر الحياة وتبدو شيقة متكاملة

الوقفة الرابعة والعشرون:

السياق مطلب اللغة والبيان ومحور السلامة في الأداء ومرجع التقولات الناشئة عن مثل ما تصور أصحابنا .. ونظرا لقيمة السياق في الأداء جاءت كلمات قرآنية على رسوم خاصة بها لربط القارئ بالسياق معنى ولو على حساب بناء الكلمة لاحظ رعاك الله كلمة:"ويكأن الله .. " فـ:" وي " كلمة و " كأن " كلمة رسمت الكلمتان موصولتين حفاظا على معنى السياق كي لايخطر في بال القارئ أو السامع أن:" وي " للتحسر، ثم يبدأ:" كأن الله يبسط الرزق .. " فالله تعالى يبسط الرزق لاكأنه يبسط الرزق سبحانه وتعالى وحرصا على بقاء معنى السياق محافظا عليه وصلت الكلمتان مراعاة لهذا المعنى والله أعلم. وكلمة:" نعما .. " تجد أن كلمة:" نعم " فعل لإنشاء المدح و"ما " موصولية وهي في محل فاعل لنعم، وكي يحافظ على هذا المعنى وكي لايخطر في البال أن ما متعلقة بما بعدها وبالتالي يصبح اللفظ هكذا: مايعظكم به .. " أي نفي وعظ الله تعالى للعباد بكلامه وهذا معنى قبيح، لذلك وصل الجزءان بكلمة واحدة حرصا على معنى السياق والله أعلم.

الوقفة الخامسة والعشرون:

لقد كتب بعض أهل العلم والنظر (1) نظرات ومباحث علمية تحاول استقصاء موضوع التجويد وأحكامه وأقوال العلماء فيه والمراد من التجويد وكيف تجشم بعضهم تحميل الأمور ما لم تحتمل، وجعلوا التكلف مطية أدائهم وأرهقوا ألسنتهم وأنفاسهم كي يوصلوا للسامعين نغمة ما أو مبالغة في ممدود أو تلوكا في خديه

(1) مثل كتاب فتح المجيد للدكتور سعود الفنيسان.

وتمطيطا في شفتيه ومبالغة في تجافي فكيه وكأن القراءة شد في العضلات وإنهاك للأنفاس ... ، بينما الذي يسمع أهل القراءة المتقنين لا يجد منهم إلا ما يسره وترتاح له أسماعه وتتأثر به مشاعره ويأنس له وبه قلبه، وتحلق روحه في عالم السمو تدبرا وتعجبا من عظمة كلام الله تعالى، وما فعل هذا القارئ أكثر من أن ضرب بقراءته على أوتار معان نبهت غافلا أو أحيت ميت قلب أو هيجت أملا أو ورثت ندما، أو أبكت عيونا ... ولقد صليت في الجامع الأموي بدمشق خلف الشيخ حسين خطاب رحمه الله تعالى رحمة واسعة صليت صلاة التراويح ولقد كان يقرأ جزءا في كل صلاة تراويح يوميا ولكنها كانت غاية في المتعة والتأثير والتدبر إلى درجة ما كنا نتمالك أنفسنا من التأثر فلقد بلغ بنا البكاء حد النشيج مرارا، مع ملاحظة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير