لِيَنَالَ مِن بَعدِ البَقاَءِ شَهَادَةً ... مُتَأَثِرَاً مِنْ طَعْنِةِ الغَدَّارِ
بَعدَ الرَّحِيلِ إلى لِقَاءِ أَحِبَةٍ ... هُمْ لِلوُجُودِ سَوَاطِعُ الأَنوَارِ
طَلَعَتْ عَلَى الدُنيَا فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا ... حُباً لِذِكرِ شَمَائِلِ الأبْرَارِ
شَرِبَ النَّبِيْ حَتَى رَضِيْتُ بِشُرْبِهِ ... وَرُوِيتُ مِن حُبِي إلَى المُختَارِ
أَو أَن أَعُودَ إِليهِ أَنظُرُ نَظْرَةً ... فِي وَجهِهِ حَتَى يَقِرَّ قَرَارِي
أَو مَن يَرَى وَجْهَ النَّبِيِّ بليلِهِ ... فِي عَينِهِ أَبْهَى مِن الأقْمَارِ
أَو أَن أُسَاءُ إِذَا يُشَاكُ بِشَوْكَةٍ ... وَأَكُونُ فِي أَهلِي قَرِيرَ الدَّارِ
أَو سِرْتَ فِي بَرْكِ الغِمَادِ رَأَيتَنَا ... طَوْعَاً لَهُ فِي مَهمَهٍ وَقِفَارِ
أَوْ قَولُهُم: لا نَسْتَقِيلُكِ بَيْعَةً ... بُشْرَاكُمُ يَا مَعشَرَ الأَنصَارِ
مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ فَتِلْكَ مَنَاقِبٌ ... فِي الخَيرِ مُبْعَدَةٌ عَن التَكْرَارِ
هَاتُوا لَنَا أَهْلاً لِحَمْلِ نِعَالِهِمْ ... لَا مِثْلَهُمْ فِي سَائِرِ الأَعصَارِ
فَعَلَيْهِمُ مِنِّي السَّلاَمُ مُدَبَجَا ... بِالشَوْقِ وَالإجْلالِ والإكبَارِ
مَا بَالُ خَيْلِي حِينَ جِئْتُ لِذِكرِهِم ... مُتَوَجِهَاً عَكَفَتْ عَلَى الأَذْكَارِ
حُباً لِذِكرِهِمُ البَهِيجِ فَإِنَ لِي ... فِي حُبِهِمْ وَطَرَاً مِن الأَوْطَارِ
يَكْفِيهِمُ قَوْلُ الحَبِيبِ مُزَكِياً: ... خَيْرُ القُرُونِ بِمُحْكَمِ الأخبَارِ
وَقَضَاؤُه أَنْ مَنْ يَسُبُ صَحَابَتِي ... فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ رَبِنَا الجبَارِ
أَيَكُونُ مِنْ إِحسَانِهِ لِي أَنَّهُ ... يَخْتَارُ لِي أَهْلَ النِّفَاقِ جِوَارِي؟!
بَلْ سَرَّنِي أَنْ هَؤلاءِ صَحَابَتِي ... صُنِعُوا عَلَى عَينِي فَمِا إثْمَارِي؟
قَبلَ الرَّحِيلِ إِذْ اطَّلَعْتُ إِليهِمُ ... مُتَبَسِمَاً ثَاوٍ وَرَاءَ سِتَارِ
فِي دَارِ عَائِشَةَ التي افتَخرَتْ بِهِ: ... هَلْ مَنْ يُسَاوِي فِيكُمُ مِقْدَارِي؟!
وَأَنَا أَحَبُ النَّاسِ عِندَ نَبِيِّكُمْ ... فَاسمَعْ إذاً إِن كُنتَ لَستَ بِدَارِي
فَأنَا ابنةُ الصِّدِّيقِ أَفضَلِ صَحبِهِ ... وَأَحَبِّهِمْ وَرَفِيقِهِ فِي الغَارِ
وَأَنَا التي جِبْرِيلُ يَنقُلُ صُورَتِي ... فِي سَرَقَةٍ بِكْراً مْن الأَبكْاَرِ
وَأَنَا التي جِبْرِيلُ يُقْرِؤُهَا السَّلَا ... مَ تَحِيَةَ الإِجْلالِ والإِكبَارِ
وَأَنَا التي تُهْدَى الهَدَايَا لَيْلَتِي ... لِمَكَانَتِي قُرْباً إلى المُختَارِ
وَلِنُصرَتِي قَالَ النَّبِيُّ لِجَارَتِي: ... تُؤْذِينَنَي فَتُجِيبَ باستِغْفَارِ
وَالوَحْيُ يَنْزِلُ فِي لِحَافِي دُونِهِم ... يُبْدِي بِذَلِكَ عِزَتِي وَفَخَارِي
لَمَّا أَشَارَ لِيَّ النَّبِيُّ مُخَيِّراً ... فَأُجَبْتُهُ: أَيَكُونُ عَنكَ خِيَارِي؟!
وَبَيَانُ فَضلِيْ فِي النِّسَاءِ بِأَنَّهُ ... فَضْلُ الثَرِيدِ عَلَى المَطَاعِمِ جَارِي
وَأَنَا الّتِي كَانَ النَّبِيُّ مُسَابِقِي ... فِي غَزْوِهِ فِي ذَلِكَ المِضْمَارِ
مَرِضَ النَّبِيُّ فَقَالَ: أَيْنَ أَنَا غَدَا ... يَرْضَى يَكُونُ مُمَرَضاً فِي دَارِي
وَكَرَامَةً رِيقِي يُمَازِجُ رِيقَهُ ... شَرَفاً أَلَسْتُ حَبِيبَةَ المُختَارِ؟
وَيَمُوتُ بَينَ تَرَائِبِي مُتَخَيِراً ... دَارَ البَقَاءِ وَصُحْبَةَ الأَبْرَارِ
إِنْ كَانَ يُبعَثُ مَنْ يَمُوتُ عَلَى الذِّي ... مَاتَ عَلَيْهِ إِذَاً لَكَانَ جِوَارِي
لِأَكُونَ يَومَ الحَشْرِ صَاحِبَةً لَهُ ... مَعَهُ بِدَارِ كَرَامِةٍ وَقَرَارِ
أَوَلَسْتِ أُمَّ الّمُؤْمِنِينَ وَزِينَةً ... لِلأَكْرَمِينَ وَبَهْجَةَ الأَنظَارِ؟
مَا زَالَ يَذكُرُهَا المُحِبُ فَذِكرُهَا ... كالنُّورِ فِي قَلْبِ الأَحِبَةِ سَارِي
لَا تَعْجَبَنَّ فَإِنَ تِلْكَ كَرَامَةٌ ... قُهِرَتْ بِهَا الحُسَّادُ بِالإجْبَارِ
وَدَلِيلُ هَذَا أَنْ تُسَاقَ لِبَيْتِهَا ... زُمُرَاً فَلا يَخْلُو مِنَ الزُّوَّارِ!!
وَأَبِي خَلِيفَتُهُ وَيَأْبَى غَيْرَه ... وَبِقُرْبِهِ فِي قَبْرِهِ مُتَوَارِي
لَمَا أَتَيْتُهُمَا وَكُنتُ بِزِينَتِي ... مِن دُونِمَا حُجُبٍ ولا أَسْتَارِ
لَكِن أَتَى الفَارُوقُ لِي مُستَأْذِناً ... فَأَجَبْتُهُ مِن رَحْمَةِ الإيثَارِ
مَا كُنتُ أَدْخُلُ حُجْرَتِي مِن بَعدِهَا ... إلا مُقَنَّعَةً عَلَيَّ خِمَاري
قَد سَاقَ طُهْرِيْ بِالتَيَمُمِ رُخْصَةً ... للطُهرِ فِي جُدْبٍ وفِي إِقْفَارِ
مِن خُدْعةِ التَقْريبِ فِي أَيَامِنَا ... وَدَلِيلُ ذَاكَ خديعَةُ الصفَّارِ
إِنْ كَانَ حُقَ القولُ ذاكَ تقاربٌ ... هَلْ للرَوَافِضِ أَمْ لآلِ النَّارِ؟!
أَوَلَيْسَ فِيكمْ مَن يَصُونُ نبيَّهُ ... وصِحَابَه يَا أُمَّةَ المِليَارِ؟
أبْنَاءَ عَائِشَةَ الذينَ تقدَمُوا ... في عِزةٍ قَعسَاءَ واستِنفَارِ
فلإن وَجَدتُمْ مِن مَقَالِي زِينَةً ... فَلِحُسْنِ ذِكْرِ شَمَائلِ الأَخيَارِ
وَلِأَنَّ خَيْلِيَّ كَانَ مِنْ أَخلَاقِهَا ... حِفْظُ الجَمِيلِ وَنُصْرةُ الأَبْرَارِ
وَلأَنهُمْ مِثْلُ النُّجومِ بليلِنَا ... نورُ العيونِ وبهجةُ الأنظارِ
خَرَجَتْ إِلَى الدُنيَا وَتِلكَ دَلَائِلٌ ... بِالحَقِ هَلْ تَكفِي ذَوِي الأبْصَارِ؟
http://www4.0zz0.com/2010/03/22/05/696050748.gif
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
¥