كان أحمد مختار يري أن نقطة الانطلاق في أي عمل معجمي هي عمل قاعدة بيانات لغوية واسعة , والاستعانة بالأنظمة البرمجية والحاسوبية , واختيار فريق عمل متكامل يضم العديد من الخبراء والمحررين والباحثين اللغويين والمساعدين ومدخلي البيانات , وهو ما أتيح له تحقيقه علي الوجه الذي دعا إليه من خلال إشرافه علي إصدار المكنز الكبير معجما شاملا للمجالات والمترادفات والمتضادات , لا نجد في تقديمه خيرا من كلمات الدكتور أحمد مختار رئيس فريق المتخصصين الذين قاموا بالعمل الذي صدر عن قسم المعاجم بمؤسسة سطور منذ أربع سنوات , والذي وصفه بأنه معجم فريد في نوعه , جديد في شكله وإخراجه , حيث جمع لأول مرة في تاريخ المعاجم العربية عدة أشكال من المعاجم في معجم واحد , لقد ضم هذا المعجم بين دفتيه معجما للموضوعات أو المعاني أو المجالات , ومعجما ثانيا للمترادفات والمتضادات , ومعجما ثالثا لمعاني الكلمات , ومعجما رابعا للألفاظ أو الكلمات.
المكنز الكبير بهذا المعني يمثل نقطة تحول في صناعة المعجم العربي , فهو ليس تكرارا أو تقليدا لعمل معجمي سابق , أو جمعا لمعجم من عدة معاجم , شأن المعاجم السابقة , وإنما هو جديد في فكرته المبتكرة , وفي منهجيته وإجراءات العمل فيه , واتباعه أحدث المواصفات العالمية في صناعة المعاجم وإخراجها.
وقبل الشروع في إنجاز هذا المكنز الكبير , كان أمام اللجنة المتخصصة كل ما احتوته المكتبة العربية من معجمات عامة وخاصة , فالعامة مثل: الصحاح للجوهري , ولسان العرب لابن منظور , والقاموس المحيط للفيروز بادي , وتاج العروس للزبيدي , وأساس البلاغة للزمخشري , والمقاييس لابن فارس , والخاصة مثل: معاجم الموضوعات والمجالات , وأهمها المخصص لابن سيدة , وفقه اللغة للثعالبي , والألفاظ الكتابية للهمذاني , وجواهر الألفاظ لقدامة بن جعفر , وتهذيب الألفاظ لابن السكيت , ومعجم أسماء الأشياء للبيابيدي , والإفصاح في فقه اللغة لعبد الفتاح الصعيدي وحسن يوسف موسي وغيرهما.
ومعاجم المرادفات قديمها وحديثها , فالقديمة مثل: الألفاظ المترادفة للرماني , والفروق اللغوية لأبي هلال العسكري , وكتاب الفرق لقطرب , والكليات لأبي البقاء الكفوي , والحديثة مثل: معاجم المعاني للمترادف والمتوارد والنقيض لنجيب إسكندر , وقاموس المترادفات والمتجانسات للأب رفائيل نخلة اليسوعي , ونجعة الرائد في المترادف والمتوارد لإبراهيم اليازجي , ومعجم الجيب للمترادفات لمسعد ابوالرجال , والمكنز العربي المعاصر لمحمود إسماعيل صيني وآخرين , ومعجم المترادفات العربية الأصغر لوجدي رزق غالي.
وفي رأي الدكتور أحمد مختار أن كل هذه المعاجم ــ بعد استعراضها ــ لا تفي في الغالب بحاجة الباحث , ولا تلبي احتياجاته , فضلا عن أنها تخلط القديم بالجديد , أو تكتفي بحشد الكلمات جنبا إلي جنب , دون ترتيب معين , ودون تدقيق في معانيها , ودون إعطاء معلومات عنها تتعلق بدرجتها في الاستعمال.
من هنا كان التفرد في منهج المكنز الكبير عن غيره من المعاجم , منذ نقطة البداية , وهي مرحلة جمع المادة , فلم يعتمد اعتمادا كليا علي معاجم السابقين , وإنما ضم مادة غزيرة استقاها من تفريغ العشرات من كتب اللغة والأدب ودواوين الشعر وعينة من الصحف اليومية , علي سبيل المثال: البيان والتبين للجاحظ , ديوان المتنبي , ديوان الجارم , ديوان شوقي , مجمع الأمثال للميداني , من كنوز القرآن لمحمد السيد الداودي , أعمال يحيي حقي , أعمال إبراهيم عبد القادر المازني , أعمال صلاح عبد الصبور , اللغة واللون لأحمد مختار عمر , عينة من بعض الصحف وغيرها.
يكفي لبيان مقدار الجهد وكم العمل وحجم الإنتاج أن يدرك القارئ أن المعجم يحتوي علي 34530 مدخلا موزعا علي 1851 موضوعا أو مجالا دلاليا , ويقع في 1232 صفحة.
والذي يستخدم هذا المعجم يلاحظ تمييز كلمات كل مجال بمجموعة من الأوصاف التصنيفية التي تبين مستوي الاستخدام لكل كلمة وتحدد خصائصها ورتبتها في الاستعمال.
¥