وأنا أختار الاحتمال الأول، وأراه هو مقصود المتكلم، وتكون الغاية هنا لبيان انتهاء الفعل الأول وابتداء الفعل الثاني.
والله أعلم.
ـ[كمال أحمد]ــــــــ[27 - 12 - 10, 05:15 م]ـ
باركك الله أستاذي،
قد أعرضتُ عن التأويل الذي ذكره الأخ كمال-حفظه الله-بدليل قولي:
وأنا أزعم أن جملة الأخ السائل غير صحيحة في تأدية المعنى المراد حتى تأتيني بينةٌ!
وكذلك، فأنا لا أنكر أن قصدَ السائل هو ما ذكرتَه-وفقك الله-، لكن أنكر التركيب، وأن تكون (حتى) فيه للغاية.
لا أدري لماذا أعرضت عن التأويل الذي ذكرتُه أخي المجد؛ هل بسبب كون التقدير: توقف فلان عن العمل مدة إخفاقه في محاولاته الأولى؟
أنا لم أقل إن هذا هو تقدير الجملة وإنما ذكره أخونا أبو مالك العوضي، وقد جعلت تقدير الجملة هكذا: يتوقف عن العمل وقت إخفاقه.
أما تقدير أخينا أبي مالك فإنما يصلح لو قلنا: ما يخفق في محاولاته يتوقف عن العمل.
وأرى أن الذي صنع الفرق في التقدير بين الجملتين هو وجود (إن)، فلو قلنا: أكرمك ما يأكل زيد، فمعناه: إن إكرامي لك سيستمر مدة أكل زيد، ولو قلنا: أكرمك ما إن يأكل زيد، فمعناه إن إكرامي لك سيكون وقته انتهاء زيد من الأكل، وعليه فالفعل مع إن يقدر بالوقت لا بالمدة.
فلا مشكلة عندي في كون ما مصدرية ظرفية وفي زيادة إن بعدها، وإنما كانت المشكلة عندي في وجود حتى؛ إذ ليس في المثال ما يدل على الغاية.
وأما جعل ما نافية وحتى للغاية فهذا ما أستبعده؛ إذ الظاهر أن المعنى أنه يتوقف عن العمل وقت الإخفاق، وليس العكس، فهذا هو مراد المتكلم في غالب الظن.
وأما بيت أبي نواس:
ما إن يغب الفعال أفعله .......... حتى تهاداه بيننا الدور
فهو مشابه للمثال الذي نحن فيه، فـ (ما) فيه مصدرية ظرفية أيضا، وتبقى مشكلة (حتى)، ولي فيها تأويل أراه قويا، وهو أن تكون ابتدائية، قبلها فعل محذوف تقديره: (ينتشر)، فيكون تأويل الجملة: ما إن يغب الفعال أفعله ينتشر حتى تهاداه بيننا الدور.
ويمكن تخريج المثال الذي معنا على هذا النحو، فنقول: ما إن يحفقُ في محاولاته هذه ييأس حتى يتوقفُ عن الفعل الحركي. فلا نضطر إلى القول بزيادة حتى - حينئذ.
والله أعلم.
ـ[كمال أحمد]ــــــــ[27 - 12 - 10, 09:12 م]ـ
ويمكن أن يقال في التعبير عن معناه: (لا أنتهي من فعل شيء مما أفعله حتى يتناقله الناس على ألسنتهم).
وأنا أختار الاحتمال الأول، وأراه هو مقصود المتكلم، وتكون الغاية هنا لبيان انتهاء الفعل الأول وابتداء الفعل الثاني.
والله أعلم.
أعزك الله أخي أبا مالك،
كون المعنى لا أنتهي من فعل شيء حتى يتناقله الناس، لا يصح مطلقا؛ لأن المعنى على ذلك أنه لا ينتهي من الفعل إلا بعد أن يتناقله الناس، وهذا محال؛ إذ كيف يتناقل الناس فعله قبل أن يقع؟
أخي الكريم حتى التي للغاية كما أشار أخونا المجد تقتضي أن الفعل الأول المنفي مرتبط وقوعه بالثاني فإذا وجد الثاني وجد الأول، فلا يقع الأول قبل الثاني، تقول: لا آتيك حتى يقوم زيد، فالمعنى إنه ينتظر قيام زيد حتى يأتيه، فإذا قام زيد أتاه، ومثله قوله تعالى "وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة"، أليس المعنى: أنهما قبل أن يعلماه يخبراه أنهما فتنة؟ أم أنهما يعلمانه ثم يخبرانه بعد ذلك! وما فائدة الإخبار حينئذ؟
فالفعل الأول سواء كان مضارعا أو منفيا لا يمكن أن يكون قبل الثاني. هذا والله أعلم.
ـ[كمال أحمد]ــــــــ[28 - 12 - 10, 12:24 ص]ـ
والأولى أن يقال في نحو هذا: إذا أخفق فلان ... ، توقف عن ... ، أو متى أخفق ... ، توقف ... ، وفي الأساليب العربية الصحيحة غناءٌ وكفايةٌ.
وهذا إن شاء الله أسلوب صحيح، ولا أرى غيره يغني عنه، فمثل قولنا: إذا حدث كذا حدث كذا، أو متى حدث كذا حدث كذا، أساليب شرط تدل على ارتباط الفعل الثاني بالأول فالفعل الأول علة للثاني، وأما: ما إن حدث كذا حدث كذا فلا تدل على ارتباط الفعل الثاني بالأول، بل إن الفعل الثاني حدث اتفاقا لا ارتباطا، صحيح أننا قد نلحظ - في بعض الأحيان - ارتباطا بين الفعلين، ولكن هذا لا يكون مقصودا.
وأما ما ذكره أستاذنا أبو مالك من سماع، فبعيد أيضًا، فالحديثُ لا يدل على هذا المعنى، بل المقصود-كما في الرواية الأخرى-أن هذا الرجل قد تعلق قلبه بالمسجد من مدة خروجه منه إلى أن يرجع.
¥