تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما الرواية الرابعة فإسنادها لا يصح، لأن من رجاله: أبو عون بن عمرو بن تميم الأنصاري،و عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، الأول مجهول،و الثاني ضعيف. و أما متنها فهو لا يصح أيضا، لأنه سبق و أن ذكرنا أن عليا لم يدع الخلافة لنفسه و لا لأهل البيت،و أن رسول الله عليه الصلاة و السلام لم يستخلف أحدا من بعده.و أما قولها أن الخلافة في قريش، فهو أمر مقرون بما ذكرته الأحاديث الصحيحة من أن الخلافة في قريش مقرونة بإقامة الدين و العدل و عدم العصيان؛ فهي ليست فيهم من باب التأبيد، فإذا فقدت قريش أولويتها و أهليتها و كفاءتها،و لم تلتزم بتلك الشروط انتقلت منها الخلافة إلى غيرها من القبائل و الشعوب الإسلامية، و كلنا نعلم أن الخلافة خرجت من بني العباس و انتقلت إلي العثمانيين الأتراك.

و الرواية الخامسة هي الأخرى إسنادها لا يصح، لأن رجاله هم نفسهم رجال الرواية السابقة- أي الرابعة- و أما متنها فهو أيضا غير صحيح للمعطيات الآتية، أولها هو أنني بحثت في عشرات المصادر من كتب التراجم و الرجال و التواريخ عن مولى لأبي بكر اسمه: قنفذ أو قنفد، فلم أعثر له على أي ذكر. كما أنه من المستبعد جدا أن يبعث أبو بكر مولى له ليتوسط بينه و بين علي في أمر غاية في الأهمية،و يترك كبار الصحابة الذين لهم مكانة لدي علي.

و المعطى الثاني هو أن الرواية زعمت أن عليا أبى الخروج من بيته حتى يجمع القرآن،و هذا زعم لا مبرر له، لأن القرآن الكريم لم يتهدده أي خطر و لم يكن في بيت علي، لأنه كان محفوظا في الصدور،و مكتوبا متفرقا عند كبار كُتاب الوحي زمن رسول الله –عليه الصلاة و السلام- ثم جمعه أبو بكر الصديق،و وحد مصحفه عثمان بن عفان –رضي الله عنه-.

و المعطى الثالث هو أن مقتضى هذه الرواية-أي الخامسة- أن عليا كان معاديا و مخاصما و مفارقا لأبي بكر، و هذا زعم غير صحيح، لأنه من الثابت تاريخيا أن عليا لم يكن مفارقا و معتزلا لأبي بكر بعيد توليه الخلافة، بل كان مصاحبا له و في خدمته. و المعطى الرابع هو أن الرواية زعمت أن فاطمة استغاثت بالرسول –عليه الصلاة و السلام-،و هذا تصرّف لا يصدر عنها، لأنه لا يجوز شرعا الاستغاثة بالنبي و لا بغيره من الناس، في حياتهم و مماتهم،و لا تكون الاستغاثة إلا بالله تعالى.

و آخرها –أي المعطيات- هو أن التصرفات و السلوكيات المشينة التي نسبتها الرواية لأبي بكر و عمر و فاطمة و علي-رضي الله عنهم- تتنافى مع أخلاق الصحابة عامة،و مع أخلاق هؤلاء الأربعة خاصة.و لا يُعقل أيضا أن يحدث ذلك النزاع المزعوم المصحوب بصراخ فاطمة و صياح علي و بكائه،و تهديدات عمر بالحرق، و المسلمون و بنو هاشم و بنو عبد مناف يتفرّجون دون حراك لنصرة علي و زوجته من ظلم أبي بكر و عمر المزعوم!!.

و أما روايات المجموعة الثانية –التي ذكرت أن عليا بايع مُكرها- فأولها رواية الطبري، و إسنادها لا يصح لأن من رجاله: زكريا بن يحيى،و حميد بن عبد الرحمن الحميري، الأول ضعيف،و الثاني لم يثبت أنه روى عن أبي بكر و عمر بن الخطاب. و أما متنها فلا يوجد فيه تصريح بالإكراه في بالبيعة، و كل ما في الأمر أن الرواية زعمت أن عمر بن الخطاب جاء بعلي و الزبير و خيّرهما بين أن يُبايعا طائعين أو مُكرهين، فبايعا دون ذكر للكيفية التي تمت بها البيعة.

و الرواية الثانية إسنادها غير صحيح، لأن من رجاله: محمد بن حميد الرازي (ت248ه)،و زياد بن كليب (ت110 أو 120ه)، الأول ضعيف كثير المناكير،و الثاني بينه و بين الحادثة إنقطاع لم يكن شاهد عيان فيها، و لم يرو عن الصحابة و إنما روى عن التابعين. و أما متنها فتخالفه الروايات الصحيحة في بيعة علي و الزبير لأبي بكر، التي لم تذكر حكاية خروج الزبير بالسيف و سقوطه من يده.

و الثالثة-من المجموعة الثانية- إسنادها غير صحيح، لأن فيه رجلا مجهولا لم يُذكر اسمه،و فيه محمد بن حميد الرازي،و هو ضعيف كثير المناكير. و أما متنها فهو الآخر لا يصح، لأن فيه ما يُشير إلى أن الصحابة أخذوا الخلافة من أهل البيت ظلما و حسدا و أجبروهم على البيعة،و هذا غير صحيح لأنه ثبت بالنصوص الصريحة أن الرسول –عليه الصلاة و السلام- لم يستخلف أحدا من بعده،و لا أوصى بالخلافة لأهل بيته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير