تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولدى التعامل مع الأرقام المبكرة من هذه التواريخ المفترضة لم يمكن العثور على ما يؤكد دخول إبراهيم إلى فلسطين، وبينت الدراسات النقدية للنصوص التوراتية، أن أخباره أضيفت إليها في تاريخ لاحق، في حوالي القرن الميلادي الأول، وأودعت في سفر التكوين، ثم إن عمليات المسح الكامل للبحر الميت لم تكشف عن غرق مدينتي سدوم وعمروة فيه، وحين ذهب باحثان أمريكيان إلى أن موقع "باب الذرا " هي سدوم، و" النميرية " هي عمورة تبين أن هذين الموقعين قائمان على مقربة من البحر الميت، وليس فيه، وأن الحياة توقفت فيهما في عام (2350 ق. م)، ولم يعثر في البقايا الأثرية على ما يشير إلى حياة غير عادية، لا سيما بعد اكتشاف المقابر هناك، وفحص بقايا الهياكل العظمية، ولا أستهدف هنا نفي خبر إبراهيم الخليل، ولا خبر قوم لوط، بل أريد التذكير بأن حياة إبراهيم مرتبطة مع مكة المكرمة، وبناء البيت الحرام فيها، وأن الشذوذ الجنسي لم يمارس في بلاد الشام، وأن القرآن الكريم حين أتى على ذكر ما حل بقوم لوط لم يحدد لا الزمان ولا المكان (أنظر سورة هود – الآيات: 73 - 83).وفيما يتعلق بموضوع الخروج، وقبل ذلك الدخول إلى مصر، فهو مختلف تماماً، لأن وصف البلاد التي كان منها الخروج لا ينطبق على مواد سفر الخروج، ثم ما من واحد من ملوك مصر، لا سيما أيام حكم الهكسوس حمل لقب فرعون، بل عرف الملوك بملوك مصر العليا أو السفلى، أو هما معاً والفرعون بالعربية هو الطاغية المتسلط، وفي القرآن الكريم نقرأ في سورة الفجر (إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد. وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وفرعون ذي الأوتاد. الذين طغوا في البلاد. فأكثروا فيها الفساد. فصب عليهم ربك سوط عذاب. إن ربك لبا لمرصاد)، وواضح من هذه الآيات الكريمة الفرق والتمييز بين الأعمدة والأوتاد، فالأوتاد مرتبطة بخيام نظام البداوة، وأظهرت الحفريات الأثرية والمسح الشامل لشبه جزيرة سيناء وبرهنت أنها لم تعرف حوادث ما عرف بالخروج، هذا ولم يفصل سيناء عن مصر أي بحر (قبل حفر قناة السويس)، وشكلت سيناء بين بلاد الشام ومصر جسراً للمواصلات، وهذا الجسر لم تتوقف عليه الحركة قط بين البلدين، علماً بأنه لم يكتشف أي ملك مصري غرق في البحر، وملك مصر لم يسكن الخيام، ولم يكن شيخ عشيرة يستنفر أتباعه ليقوم بمطاردة مفاجئة وسريعة.

وما قيل عن عبودية اليهود في مصر، وتسخيرهم في بناء الأهرامات محض اختلاق، لأن الأهرامات بنيت في حوالي / 2500 ق.م / وتم الكشف عن مقابر الذين أسهموا في بناء هذه المقابر العملاقة، فتبين أنهم من أهل مصر، علماً بأن اليهود حملوا دوماً البغضاء لمصر، ودأبوا في العصر الحديث على التشهير بها وبتاريخها المجيد، بأعمال التبشير، وبالأفلام السينمائية، وظلوا يضغطون على حكامها حتى ورطوها في كامب ديفيد، مما ألحق أضراراً بها وبالأمة العربية لا يمكن تقديرها.

ومجدداً بالنسبة لسيناء قد يقول قائل: وماذا عما ورد في سورة التين قوله جل وعلا (والتين والزيتون. وطور سنين. وهذا البلد الآمين)؟ نقول: قد يكون المقصود هنا جبل شبه جزيرة سناء أو جبل القديسة كاترين، وهذا الجبل مقدس لدى النصارى وليس لدى اليهود، والقديسة كاترين مصرية لها حكاية طويلة في الآداب اللاهوتية للمسيحية، ومرة أخرى نواجه سؤالاً آخر حول المكان الذي هرب إليه النبي موسى، وحول مدين النبي شعيب، فالإشارة التي وردت في القرآن الكريم ذكرت اسم مكان أسمه طوى، وأن موسى عليه السلام مر بهذا المكان أثناء سفره، وذلك قوله تعالى (فأخلع نعليك إنك بالواد المقدس طُوى) سورة طه الآية 12، وقد تناول هذا الموضوع ياقوت الحموي في معجم البلدان، فبين اختلاف الآراء حول الموضوع، وروى بأن من معاني "بالواد المقدس طُوى ": " أي طُوى مرتين، أي قدس ... وثنبت فيه البركة والتقديس مرتين" وأضاف بأن " ذي طوى – بالضم أيضاً – موضع عند مكة" ومثل هذا هناك عدم اتفاق حول تحديد مكان مدين، حيث عاش النبي شعيب الذي أسمه عند اليهود "يثرو"، علماً بأن بعض الدراسات الحديثة الموجهة من قبل إسرائيل والصهيونية ذهبت إلى القول الآن بأن بلاد مدين هي منطقة تبوك، وأن جبل موسى أو حوريب هو جبل اللوز هناك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير