تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعض المصادر المتداولة، وأدع الدراسة الوافية إلى مناسبة أخرى إنشاء الله تعالى ويسر.ومصادر التاريخ القديم للقدس كثيرة، تتصدرها - كما سلفت الإشارة - نتائج الحفريات الأثرية فيها، وفي فلسطين كلها، مع جميع أنحاء بلاد الشام، والنقوش المصرية القديمة، ونصوص ونقوش بلاد الرافدين ولا سيما الآشورية، ولا بد من التنبه أولاً إلى أن جميع نصوص النقوش والكتابات القديمة تحتاج إلى إعادة قراءة وضبط لأن الزيف لحق قراءة معظم النصوص التي لها علاقة بالقدس، وما برح الباحثون العرب يعتمدون في الغالب على قراءة غير العرب لهذه النصوص، مع أن العدد الكبير من أوائل الأثريين كانوا إما من رجال اللاهوت، أو تحت تأثيرهم، وصار الأثريون - أو لنقل أكثريتهم، يعملون فيما بعد بتوجيه من الصهيونية، وما برح هدف الأجيال الغربية، تثبيت ما ورد من أخبار في العهد القديم.والذي عثر عليه في مصر كثير جداً، وسأقف فقط عند بعضه الأهم، وهو نصوص اللعنة ونقش مرنبتاح ورسائل تل العمارنة:ومن المقرر أن نصوص اللعنة تعود إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وقد كتبت هذه النصوص على آنية من الفخار، وبعض الدمى بالخط الهيراطيقي، ومثلت هذه الدمى أسرى موثوقين، كشف عنها في سقارة وطيبة، وهي محفوظة في كثير من المتاحف في أنحاء العالم، ويوجد منها نماذج في متحف القاهرة، والأسماء التي وردت في هذه النصوص: مصرية، ونوبية، وسورية (آسيوية)، ويقول أحد النصوص بعد ذكره لاسم الشخص الملعون وأسرته مع حلفائهم والمشتركين معهم، الذين يثورون أو يتآمرون، أو يقومون بالحرب، أو يفكرون بالثورة في جميع أنحاء البلاد أو " جميع الرجال، وجميع الناس، وجميع الشعب، وجميع الذكور، وجميع الخصيان، وجميع الذين يحاولون الثورة أو التآمر ويفكرون بالحرب .... وكل كلمة شر، وكل مقالة سوء، وكل مؤامرة.

وبعد كتابة الأسماء والمطالب، كان المصريون القدماء يكسرون هذه القطع الفخارية، وكأنهم كانوا يعتقدون أنه يمكن بهذه الواسطة إحباط أي عمل عدواني ضد مصر، ورواسب هذه العادة ما تزال تمارس حتى الآن في مصر وبلاد الشام، وكان لها مثل فعل السحر وتأثيره، وذلك مع الاعتقاد بأن الحرف هو كائن حي، ومن الأسماء السورية الآشورية التي وردت في نصوص اللعنة: بيبلوس (جبيل) وعسقلان، وأوزو - أمام صور – وأُشام م.

وأقدم الباحثون الغربيون فوراً على القول بأن " أُشام م " هي مدينة " أورشليم" وفي هذا تدليس مكشوف، لأن المعطيات الأثرية بينت أن مدينة القدس لم تكن قد تأسست بعد، لأنها تأسست في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد، وهي حملت اسم "أورشليم" بعد ليس أقل من ألف وخمسمائة سنة من تاريخ نصوص اللعنة، وطبعاً من الواضح أن الذي قصد ب" أُشام م " هو بلاد الشام، التي غزيت مصر دوماً من خلالها، متذكرين أن تاريخ نصوص اللعنة يتزامن مع بدايات ظهور الهكسوس في مصر (2).

أما نقش مرنبتاح (1224 - 1214ق. م) فقد كتب على صخرة سوداء، وهو يتكون من ثمانية وعشرين سطراً، تحدث فيه هذا الملك عن انتصاراته وانجازاته ضد الليبيين، ثم على بعض مدن فلسطين، حيث قال في السطر السادس والعشرين:" وانبطح كل الزعماء طالبين السلام، ولم يعد أحد يرفع رأسه من بين التسعة، وأمسكت التحنو، وخاتي هدأت، وأصيبت كنعان بكل أذى، استسلمت عسقلون وأخذت جزر، وينعم أصبحت كأن لم تكن "ويزريل" أقفر، ولم يعد له بذور، وخارو أصبحت أرملة.

ولدى التمعن في هذا النص، نجد أن الذين جاء ذكرهم في الترجمة هم ثمانية، وليسوا تسعة، وهؤلاء الثمانية هم: "تحنو، وخاتي، وكنعان، وعسقلون، وجزر، وينعم، ويزريل، وخارو، " فأين ذهب الأسم التاسع؟ وقبل طرح هذا السؤال النقدي، يلاحظ صدور دراسات كثيرة، احتارت كيف تتعامل مع الاسم "يزريل" فكلها استسلم أن المعني هو "إسرائيل"، وكثرت الاجتهادات والتفسيرات، لكن قبل الغرق في بحار التزييف أعدنا النظر بقراءة النص، فتبين أن تزييفاً لحق القراءة، ودمج هذا التزييف بين الاسمين السابع والثامن، وبذلك باتت الأسماء التسعة هي " تحنو، وخاتي، وكنعان، ويسقراني، وجزر، وينعم، ويازير، ويار، وخال " وهذا ومن المعتقد " يازير " هي "يازور " أي " بيت الزور " على بعد 6 كم إلى الشرق من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير