تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و هذه القبور التي وجدت في الجامع الأموي بدمشق إنما ظهرت في العصور المتأخرة لبناء المسجد، حين تفشى الجهل وهيمنت الصوفية على حياة الناس؛ ولو كان هذا القبر بارزاً معروفاً في زمن الخلفاء الراشدين أو الأمويين لكانوا أول من يسعى إلى هدمه وإبعاد الناس عن مظاهر الشرك والخرافة، خاصة وأن وقت بناء الجامع الأموي كان في عصر توفر فيه جمع هائل من الأئمة العلماء من التابعين، و لا يمكن أن يسكتوا عل هذا الصنيع و هم يعلمون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البناء فوق القبور أو اتخاذها مساجد، أو ما شابه ذلك من أمور تدخل في هذا الباب.

ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق (2/ 241 - 242) و (64/ 217 - 218) عدداً من الروايات تتحدث عن قصة بناء المسجد الأموي في دمشق و تطرق من خلالها إلى قصة رأس يحيى عليه السلام،

فعن زيد بن واقد قال وكلني الوليد على العمال في بناء جامع دمشق فوجدنا فيه مغارة فعرفنا الوليد ذلك فلما كان الليل وافى وبين يديه الشمع فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع وإذا فيها صندوق ففتح الصندوق فإذا فيه سفط – قفّة - وفي السبط رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريا فأمر به الوليد فرد إلى المكان وقال اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا من الأعمدة فيجعل عليه عمود مسبك مسفط الرأس. و عن زيد بن واقد قال رأيت رأس يحيى بن زكريا حيث أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبة وكانت البشرة والشعر على رأسه لم تتغير.

و قد بقي هذا المزعوم بأنه ليحيى بن زكريا عليهما السلام في المسجد الأموي على ما هو عليه حتى القرن السادس، حيث وضع عليه تابوت، ثم أقيمت عليه قبة في وقت لم يحدد، ولم يتخذ الوليد عليه قبراً، لأنه لم يثبت عنده أن الرأس ليحيى، ولأن إقامة القبور في المساجد أو بناء المساجد عليها ممنوع في الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر منه و لعن فاعله، و كان ذلك من آخر ما نطق به صلى الله عليه وسلم قبل وفاته.

مع أن الثابت من تاريخ سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام، و هو الذي يسميه النصارى (يوحنا المعمدان) أنه كان على عهد المسيح عليه السلام، وأن الإمبراطور الروماني أمر بقتله و سلم رأسه إلى تلك البغي، فبعثت به و لم يُعلم مصيره، فهو قد قتل في الأردن، قبل عمارة الأموي بنحو (600) سنة، فمن أين وصل الرأس إلى هذه المغارة؟! و كيف قطع هذه المسافة على الأرض، ثم استقر سليماً في هذا السفط؟!

وعلى فرض صحة الخبر الذي رواه ابن عساكر، فإنه لا يثبت إلا أنهم وجدوا رأساً عليه اسم يحيى، لا يعرف من كتبه ولا تاريخ كتابته، و ليس لدينا أي دليل على أن هذا القبر هو ليحيى، و ليس لدينا دليل كذلك على نفيه، والله أعلم بحقيقة الحال.

و قد مر بالمسجد أحداث جسام، تغيرت معالم المسجد عن صورته الأصلية التي بني عليها، فأدخلت فيه الأضرحة والقباب إلى غيرها من مظاهر الشرك التي تراها اليوم في ذلك المسجد. و للشيخ علي الطنطاوي كتاب في بعنوان: الجامع الأموي في دمشق، تحدث فيه عن أدواره التي مر بها، و عن الأحداث التي توالت عليه. راجعه للفائدة.

واستكمالاً للفائدة: نعود الآن إلى ما ذكره القاياتي من الأضرحة والمشاهد النبوية المنسوبة إلى الأنبياء في الشام:-

مزار شمعون – منهجي هنا هو ذكر الأضرحة التي زعموا أنها لأنبياء الله سواء أصحت نبوتهم أم لم تصح، و من هؤلاء كثير ممن قيل إنهم أنبياء من بني إسرائيل، و لم يرد عندنا في ديننا ما يصدق أو يكذب ذلك، ومن هؤلاء شمعون و صيدون وكالب و غيرهم، والله أعلم بحقيقة الحال – في الجانب الشرقي من صيدا يخرج إليه أهل البلد في الغداة والعشي لشم الهواء. نفحة البشام (ص 63)، مع أن هناك مزاراً مشهوراً للاسم نفسه في قضاء كلز من أعمال حلب. نهر الذهب (2/ 371).

مزار صيدون في وسط البساتين في صيدا، يقولون أنه من الأنبياء أيضاً. نفحة البشام (ص 63).

مزار داود عليه السلام في جنوب غرب صيدا على نحو ساعة. نفحة البشام (ص64)، مع أن هناك مزاراً آخر منسوباً إليه في قضاء كلز من أعمال حلب.نهر الذهب (2/ 371).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير