وأما قوله ووقعت اختلافات كثيرة منها ردة الحكم بن أمية إلى المدينة بعد أن طرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يسمى طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كان يشفع إلى أبي بكر وعمر أيام خلافتهما فما أجاباه إلى ذلك ونفاه عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخا فيقال مثل هذا إن جعله اختلافا جعل كلما حكم خليفة بحكم ونازعه فيه قوم اختلافا وقد كان ذكرك لما اختلفوا فيه من المواريث
6 353 والطلاق وغير ذلك أصح وأنفع فإن الخلاف في ذلك ثابت منقول عند أهل العلم ينتفع الناس بذكره والمناظرة فيه وهو خلاف في أمر كلي يصلح أن تقع فيه المناظرة وأما هذه الأمور فغايتها جزئية ولا تجعل مسائل خلاف يتناظر فيها الناس هذا مع أن فيما ذكره كذبا كثيرا منه ما ذكره من أمر الحكم وأنه طرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يسمى طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه استشفع إلى أبي بكر وعمر أيام خلافتهما فما أجاباه إلى ذلك وأن عمر نفاه من مقامة باليمن أربعين فرسخا فمن الذي نقل ذلك وأين إسناده ومتى ذهب هذا إلى اليمن وما الموجب لنفيه إلى اليمن وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ما يدعونه بالطائف وهي أقرب إلى مكة والمدينة من اليمن فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أقره قريبا منه فما الموجب لنفيه بعد ثبوته إلى اليمن وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن نفى الحكم باطل فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفه إلى الطائف بل هو ذهب بنفسه وذكر بعض الناس أنه نفاه ولم يذكروا إسنادا صحيحا بكيفية القصة وسببها وعلى هذا التقدير فليس فيمن يجب نفيه في الشريعة من يستحق
6 354 النفي الدائم بل ما من ذنب يستحق صاحبه النفي إلا ويمكن أن يستحق بعد ذلك الإعادة إلى وطنه فإن النفي إما مؤقت كنفي الزاني البكر عند جمهور العلماء سنة فهذا يعاد بعد السنة وإما نفي مطلق كنفي المخنث فهذا ينفي إلى أن يتوب وكذلك نفى عمر في تعزير الخمر وحينئذ فلا يمكن أن يقال إن ذنب الحكم الذي نفى من أجله لم يتب منه في مدة بضع عشرة سنة وإذا تاب من ذنبه مع طول هذه المدة جاز أن يعاد وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجر الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة ثم تاب الله عليهم وكلمهم المسلمون وعمر رضي الله عنه نفى صبيغ بن عسل التميمي لما أظهر اتباع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وضربه وأمر المسلمين بهجرة سنة بعد أن أظهر التوبة فلما تاب أمر المسلمين بكلامه
6 355 وبهذا أخذ أحمد وغيره في أن الداعي إلى البدعة إذا تاب يؤجل سنة كما أجل عمر صبيغا وكذلك الفاسق إذا تاب واعتبر مع التوبة صلاح العمل كما يقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين ثم لو قدر أنه كان يستحق النفي الدائم فغاية ذلك أن يكون اجتهادا اجتهده عثمان في رده لصاحبه أجر مغفور له أو ذنبا له أسباب كثيرة توجب غفرانه
*****************
ومن ثم أقول لكم أيها الإخوة:
المسالة ليست مسألة مروان وأبوه بل المسالة أكبر من ذلك وهي أن التاريخ الأموي الذي كتب بعصر بني العباس والذين كانوا حاقدين على بني أمية فيه كذب كثير وطمس لكثير من فضائل بني أمية والذي يعتبر عصرهم – على ما قيل فيه من سلبيات – خير من جميع العصور الإسلامية التي تلته ويكفيهم فخرا أنهم كانوا في خير القرون الفاضلة
وقد ترجمت لكل من عليه طعن من بني أمية في القرن الهجري الأول ومحصت الروايات الواردة فيهم كلها وبينت الصحيح من غيره مع مناقشة ذلك عقلا ونقلا دون تعصب لمدرسة فكرية أو لشيخ قديم أو حديث
ويجب أن يكون الحق رائدنا والله تعالى يقول لنا في كتابه العزيز: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (183) سورة الشعراء
وكلمة الناس تشمل المؤمن والكافر فإذا كنا مأمورين أن نحكم بالعدل والقسط حتى مع أعدائنا فكيف نحكم بالظلم والظنة مع المؤمنين؟؟!!
فهذا لا يجوز في شرع الله تعالى
وقد أفضى القوم إلى ربهم وهو الذي سيحاسب الناس على أعمالهم
فلنتق الله في سلفنا الصالح ولا نتسرع في الحكم عليهم لأن الله تعالى سيحاسبنا على كل قول أو لفظ نتلفظ به وهو الذي يقول: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (18) سورة ق
وهو الذي يقول: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء
وهو الذي يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات
**************
جعلنا الله وإياكم من المنصفين البعيدين عن الهوى والتعصب
آمين
أخوكم
أبو حمزة الشامي
12ربيع الثاني 1425 هـ
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 06 - 04, 02:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبو حمزة
هناك بعض الملاحظات حفظك الله
اولا:
لايشترط أن يصرح قيس بن أبي حازم بأنه رأى أو شاهد فهو معاصر لهذا الحدث ولو قلنا بهذا لرددنا أخبارا كثيرة
فالرواية صحيحة صحيحة في كون مروان بن الحكم طعن طلحة
ولا أعرف أن أحدا من العلماء سبقك إلى نفي هذا الأمر.
ثانيا:
ورد التصريح باسم الحكم عند البزار (1623 زوائد) والطبراني في المعجم الكبير (299) من (قطعة من الجزء 13)
والحمد لله رب العالمين.
وأما الحجاج فقد ثبت عنه تمنيه لقتل عبدالله بن مسعود وغيرها من الموبقات
والتعصب لبني أمية مقابلة للتعصب ضدهم غير صحيح، بل المسلم منصف سواء مع بني أمية أو غيرهم
فكون الشيعة يكرهونهم أو وضعوا عليهم روايات غير صحيحة أو غير ذلك لايجعلنا ذلك ندافع عنهم بالباطل
وجزاكم الله خيرا.
تنبيه:
الشيخ العلامةعبدالله بن عبدالرحمن السعد حفظه الله من أكابر علماء الحديث في هذا العصر
¥