تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في إزالة الإشكال واللبس عن المصحف الشريف.

وقيل: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وإن ابن سيرين كان له مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر، ويمكن التوفيق بين هذه الأقوال بأن أبا الأسود أول من نقط المصحف ولكن بصفة فردية، ثم تبعه ابن سيرين، وأن عبد الملك أول من نقط المصحف، ولكن بصفة رسميَّة عامَّة ذاعت وشاعت بين الناس دفعاً للبس، والإشكال عنهم في قراءة القرآن. " مناهل العرفان " (1/ 280، 281).

ثالثاً:

وأما ما جاء في السؤال نقلاً عن كتاب " المصاحف " لابن أبي داود: فإليك الرواية فيه والحكم عليها:

عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً، قال: كانت في البقرة: 259 {لم يتسن وانظر} بغير هاء، فغيرها " لَم يَتَسَنه ".

وكانت في المائدة: 48 {شريعة ومنهاجاً}، فغيّرها " شِرعَةً وَمِنهاجَاً ".

وكانت في يونس: 22 {هو الذي ينشركم}، فغيَّرها " يُسَيّرُكُم ".

وكانت في يوسف: 45 {أنا آتيكم بتأويله}، فغيَّرها " أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ ".

وكانت في الزخرف: 32 {نحن قسمنا بينهم معايشهم}، فغيّرها " مَعِيشَتَهُم ".

وكانت في التكوير: 24 {وما هو على الغيب بظنين}، فغيّرها {بِضَنينٍ} … الخ ..

كتاب " المصاحف " للسجستاني (ص 49).

وهذه الرواية ضعيفة جدّاً أو موضوعة؛ إذ فيها " عبَّاد بن صهيب " وهو متروك الحديث.

قال علي بن المديني: ذهب حديثه، وقال البخاري والنسائي وغيرهما: متروك، وقال ابن حبان: كان قدريّاً داعيةً، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع، وقال الذهبي: أحد المتروكين. انظر " ميزان الاعتدال " للذهبي (4/ 28).

ومتن الرواية منكر باطل، إذ لا يعقل أن يغيِّر شيئاً من القرآن فيمشي هذا التغيير على نسخ العالم كله، بل إن بعض من يرى أن القرآن ناقص غير كامل من غير المسلمين كالرافضة - الشيعة – أنكرها ونقد متنها:

قال الخوئي – وهو من الرافضة -: هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات المجانين والأطفال، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية، وهو أقصر باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً من الفروع الإسلامية، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة؟! ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الإسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه، ولا ناقد في نقده مع ما فيه من الأهمية، وكثرة الدواعي إلى نقله؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج وانتهاء سلطته؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها، ولم تشذّ عن قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين المتباعدة، فهل تمكّن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله. " البيان في تفسير القرآن " (ص 219).

وما نقله السائل عن الإمام السجستاني من أنه ألَّف كتاباً اسمه " ما غيَّره الحجاج في مصحف عثمان ": غير صحيح بل كذب ظاهر، وكل ما هنالك أن الإمام السجستاني ترجم للرواية سالفة الذكر عن الحجاج بقوله: (باب ما كتب الحجَّاج بن يوسف في المصحف).

وعلى هذا فإنه لا يمكن أن يعتمد على هذا الرواية بحال من الأحوال، ويكفي في تكذيبها أنه لم يثبت حتى الآن أن أحداً نجح في محاولة لتغيير حرف واحد، فلو كان ما روي صحيحاً لأمكن تكراره خاصة في عصور ضعف المسلمين وشدة الكيد من أعدائهم، بل مثل هذه الشبهات التي تثار هي أحد الأدلة على بطلان هذه الدعاوى، وأن الأعداء قد عجزوا عن مقارعة حجج القرآن وبيانه فلجؤوا للطعن فيه.

والله أعلم

الإسلام سؤال وجواب ( www.islam-qa.com)

أسألُ اللهَ أن يكونَ في هذا البيانِ كفايةٌ في موضوعِ الحجاجِ بنِ يوسف الثقفي، وإذا وجدتُ إضافةً سأضعها.

كتبهُ

عبدُ الله زُقَيْل

17 رمضان 1424 هـ


الحمدُ للهِ وبعدُ؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير