تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الذهبي في " تاريخ الإسلام " (6/ 320): قاتل اللهُ الحجاج ما أجرأه على الله، كيف يقولُ هذا في العبدِ الصالحِ عبد الله بن مسعود.ا. هـ.

هذا على فرض ثبوت ما نقل عنه، وبعد التحققِ من أسانيدها لا يثبت منها شيء خلا كلامهِ على قراءةِ ابنِ مسعود رضي الله عنه.

وبعد إيرادِ ما سبق قد يردُ سؤالٌ: ألم تكن تجاوزتُ الحجاجِ موجودةً قبل فتنةِ ابنِ الأشعث؟

الجوابُ: بلى، ولكن بلغت ذروتها وكانت من نتائجها فتنةُ ابنِ الأشعثِ، والكلامُ عن تلك التجاوزت قد يطولُ جداً، وفيما ذكر كفايةٌ. وفتنةٌ ابنِ الأشعثِ تدلُ على أن من العلماءِ من كان يرى إزالةَ الحجاجِ هو إزالة لظلمهِ وجورهِ، وأنه من منطلقِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ، وخاصةً ممن قاتل الحجاج، وانضم إلى ابنِ الأشعثِ. ولذا اختلف العلماءُ في مسألةِ المشاركةِ في فتنةِ ابنِ الأشعثِ فمنهم من شارك فيها، وقاتل، وقتل، وبعضهم كانت مشاركتهُ بطريقةٍ غيرِ مباشرةٍ، وإنما بالتحريضِ فقط، وشارك فيها عددٌ كبيرٌ من العلماءِ ولم ينجو منها إلا عدد قليل قال الإمامُ الذهبي في " السير " (4/ 321): وَقَالَ العِجْلِيُّ: ... لَمْ يَنْجُ بِالبَصْرَةِ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إِلاَّ هُوَ – يعني مُطَرِّف بن عَبْدِ اللهِ - وَابْنُ سِيْرِيْنَ. وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا بِالكُوْفَةِ إِلاَّ خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.ا. هـ.، ولولا خشية الإطالةِ لذكرتُ قائمةً بأسماء من شارك فيها.

وفي المقابل وجد من العلماءِ من امتنع عن المشاركةِ في الفتنة واعتزلها بالكليةِ، بل بعضهم عارض المشاركةَ فيها، ولكن السؤال الذي يطرحُ نفسهُ.

بعد هذا العرضِ السريعِ لبعض مجرياتِ فتنة ابنِ الأشعث نأخذُ أقوالَ من رأى بكفرِ الحجاجِ، فقد وردت آثارٌ عن بعضِ أئمةِ السلفِ مصرحةً بتكفيرهِ، ولأخرى غيرُ مصرحةٍ، ولنقف عليها.

1 - عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ، عَنْ أَبِيْه ِ، قَالَ: عَجِبْتُ لإِخْوَتِنَا مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ، يُسَمُّوْنَ الحَجَّاجَ مُؤْمِناً.

رواهُ ابنُ أبي شيبةَ في " الإيمان " (95)، وابنُ سعدٍ في " الطبقات " (5/ 540)، وعبدُ الله بن أحمد في " السنة " (671)، والخلالُ في " السنة " (1165، 1531) وفي سنده رجلٌ مجهول، وابنُ عساكر في " تاريخ دمشق " (12/ 188).

وصحح العلامةُ الألباني في تحقيقه لكتاب " الإيمانِ " لابنِ أبي شيبة الطريق التي عند ابن أبي شيبةَ.

وعلق الإمامُ الذهبي في " السير " (5/ 44) بقوله: " قُلْتُ: يُشِيْرُ إِلَى المُرْجِئَةِ مِنْهُم، الَّذِيْنَ يَقُوْلُوْنَ: هُوَ مُؤْمِنٌ كَامِلُ الإِيْمَانِ مَعَ عَسْفِهِ، وَسَفْكِهِ الدِّمَاءَ، وَسَبِّهِ الصَّحَابَةَ.ا. هـ.

فالإمامُ الذهبي لم يفهم من هذه العبارةِ الكفرَ.

2 – عن إبراهيمَ: " أنه كان إذا ذكر الحجاجَ قال: " أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ " [هود: 18].

رواه ابن أبي شيبة في " الإيمان " (96)، والخلال في " السنة " (1165، 1531)، وعبد الله بن أحمد في " السنة " (671)، وابنُ سعدٍ في " الطبقات " (6/ 279)، وابن بطة في " الكبرى " (1211).

وصحح العلامةُ الألباني سنده في " الإيمان " لابن أبي شيبة.

3 – وعن إبراهيمَ قال: كفى بمن يشكُ في أمرِ الحجاج لحاهُ الله.

رواه ابنُ أبي شيبةَ (98)، وهو في نفسِ المصادرِ السابقةِ.

ومعنى قولهِ: لَحَاهُ الله، أي: قبحه ولعنه.

4 – عن الشعبي قال: أشهدُ أنه مؤمنٌ بالطاغوتِ، كافرٌ باللهِ – يعني الحجاج -.

رواهُ ابنُ أبي شيبةَ في " الإيمان (97)، واللالكائي في " الاعتقاد " (1823)، وابن عساكر في " التاريخ " (12/ 187).

ولفظه عند اللالكائي: عن الأجلح قال: قلتُ للشعبي: إن الناس يزعمون أن الحجاجَ مؤمنٌ؟ قال: صدقوا بالجبتِ والطاغوتِ كافرٌ بالله.

وصححه أيضاً العلامة الألباني في " الإيمان " لابن أبي شيبة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير