تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأعلم أن الصديق رضى الله عنه لم تكتب له بيعة بالخلافة بعد النبى صلى الله عليه وسلم إذ لم ينقل ذلك ولو وقع لنقل كما نقل كتاب عهد الصديق بالخلافة لعمر رضى الله عنهما على ما سيأتى ذكره وكذلك سائر الخلفاء بعده لم تكتب لهم مبايعة إلى أن كانت أيام عبد الملك بن مروان في الدولة الأموية رتب الحجاج بن يوسف أيمانا للبيعة يحلف بها للخليفة عند أخذ البيعة له وابتدئ كتابة البيعات من يومئذ ونظم الإيمان في خلالها واستمر ذلك فيما بعده واختلفت أساليب الكتاب بعد ذلك دولة بعد دولة وقد استقر أمرهم في ذلك على أربعة مذاهب

المذهب الأول

أن تفتتح البيعة بأن يقال تبايع عبد الله أبا فلان فلانا أمير المؤمنين على كذا وكذا على أنك إن خالفت في ذلك أو في شئ منه كان لازمك كذا وكذا مع بسط القول في ذلك بما يناسب المقام وتأكيده بالإيمان المعقدات والأليات المحرجات

وعلى هذا الأسلوب كانت طريقة الأولين في الخلافة الأموية وصدر الخلافة العباسية فإن كانت المبايعة من جماعة كتب تبايعون بلفظ الجمع

وهذه نسخة بيعة من ذلك

أوردها أبو الحسين بن إسحاق الصابى في كتابه غرر البلاغة في الكتابة وهى

تبايع عبد الله أبا فلان فلانا أمير المؤمنين بيعة طوع واختيار وتبرع وإيثار وإعلان وإسرار وإظهار وإضمار وصحة من غير نغل وسلامة من غير دغل وثبات من غير تبديل ووقار من غير تأويل واعتراف بما فيها من جمع الشمل واتصال الحبل وانتظام الأمور وصلاح الجمهور 000على أن عبد الله فلانا أمير المؤمنين عبد الله الذى اصطفاه وأمينه الذى ارتضاه وخليفته الذى جعل طاعته جارية بالحق وموجبة على الخلق وموردة لهم مورد الأمن وعاقدة لهم معاقد اليمن000000فمتى زلت عن هذه المحجة خافرا لأمانتك ورافعا لديانتك فجحدت الله تعالى ربوبيته وأنكرته وحدانيته وقطعت عصمة محمد صلى الله عليه وسلم منك وجذذتها ورميت طاعتة وراء ظهرك ونبذتها ولقيت الله يوم الحشر إليه والعرض عليه مخالفا لأمره

وخائنا لعهده ومقيما على الإنكار له ومصرا على الإشراك به وكل ما حلله الله لك محرم عليك وكل ما تملكه يوم رجوعك عن بذلك وارتجاعك ما اعطيته من قولك من مال موجود ومذخور ومصوغ ومضروب وسارح ومربوط وسائم ومعقول وأرض وضيعة وعقار وعقدة ومملوك وأمة صدقة على المساكين محرمة على مر السنين وكل امرأة لك تملك شعرها وبشرها وأخرى تتزوجها من بعدها طالق ثلاثا بتاتا طلاق الحرج والسنة لا رجعة فيها ولا مثنوية وعليك الحج إلى بيت الله الحرام الذى بمكة ثلاثين مرة حاسرا حافيا وراجلا ماشيا نذرا لازما ووعدا صادقا لايبرئك منها إلا القضاء لها والوفاء بها ولا قبل الله منك توبة ولا رجعة ولا إقالة عثرة ولا ضرعة وخذلك يوم الاستنصار بحوله وأسلمك عند الاعتصمام بحبلة وهذه اليمين قولك قلتها قولا فصيحا وسردتها سردا صحيحا وأخلصت فيها سرك إخلاصا متينا!!

مآثر الإنافة [2/ 260]

قال ابن خلدون:

ومنه أيمان البيعة كان الخلفاء يستحلفون على العهد ويستوعبون الأيمان كلها لذلك فسمي هذا الاستيعاب أيمان البيعة وكان الإكراه فيها أكثر وأغلب ولهذا لما أفتى مالك رضي الله عنه بسقوط يمين الإكراه أنكرها الولاة عليه ورأوها قادحة في أيمان البيعة ووقع ما وقع من محنة الإمام رضي الله عنه وأما البيعة المشهورة لهذا العهد فهي تحية الملوك الكسروية من تقبيل الأرض أو اليد أو الرجل أو الذيل أطلق عليها اسم البيعة التي هي العهد على الطاعة مجازا لما كان هذا الخضوع في التحية والتزام الآداب من لوازم الطاعة وتوابعها وغلب فيه حتى صارت حقيقية عرفية واستغنى بها عن مصافحة أيدي الناس التي هي الحقيقة في الأصل لما في المصافحة لكل أحد من التنزل والابتذال المنافيين للرئاسة وصون المنصب الملوكي إلا في الأقل ممن يقصد التواضع من الملوك فيأخذ به نفسه مع خواصه ومشاهير أهل الدين من رعيته فافهم معنى البيعة في العرف. مقدمة ابن خلدون [1/ 209]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير