بينما الثابت في كتاب ابن قتيبة المتفق على نسبته إليه وهو كتاب (الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة) على أنه يرمي الرافضة بالكفر وذلك لطعنهم بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ((… وقد رأيت هؤلاء أيضاً حين رأوا غلو الرافضة في حب عليّ وتقديمه على من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته عليه وادعاءهم له شركة النبي صلى الله عليه وسلم في نبوّته وعلم الغيب للأئمة من ولده وتلك الأقاويل والأمور السرية التي جمعت إلى الكذب والكفر إفراط الجهل والغباوة ورأوا شتمهم خيار السلف وبغضهم وتبرّؤهم منهم)) فكيف ينسب إليه بعد ذلك كتاب مشحونٌ بالطعن في الصحابة الكرام؟!!!!
4ـ أن المنهج والأسلوب الذي سار عليه مؤلف الإمامة والسياسة يختلف تماماً عن منهج وأسلوب ابن قتيبة في كتبه التي بين أيدينا، ومن الخصائص البارزة في منهج ابن قتيبة أنه يقدم لمؤلفاته بمقدمات طويلة يبين فيها منهجه والغرض من مؤلفه، وعلى خلاف ذلك يسير صاحب الإمامة والسياسة، فمقدمته قصيرة جداً لا تزيد على ثلاثة أسطر هذا إلى جانب الاختلاف في الأسلوب، ومثل هذا النهج لم نعهده في مؤلفات ابن قتيبة.
5ـ يروي مؤلف الكتاب عن ابن أبي ليلى بشكل يشعر بالتلقي عنه، وابن أبي ليلى هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه قاضي الكوفة توفى سنة 148، والمعروف أن ابن قتيبة لم يولد إلا سنة 213 أي بعد وفاة ابن أبي ليلى بخمسة وستين عاماً!!!
6ـ حتى أن المستشرقين اهتموا بالتحقيق في نسبة الكتاب وأول من اهتم بذلك المستشرق (دي جاينجوس) في كتابه (تاريخ الحكم الإسلامي في أسبانيا) ومن ثم أيده الدكتور (ر. دوزي) في كتابه (التاريخ السياسي والأدبي لأسبانيا)، وذكر الكتاب كل من بروكلمان في تاريخ الأدب العربي، والبارون دي سلان في فهرست المخطوطات العربية بمكتبة باريس باسم أحاديث الإمامة والسياسة، ومارغوليوس في كتابه دراسات عن المؤرخين العرب، وقرروا جميعاً أن الكتاب منسوب إلى ابن قتيبة ولا يمكن أن يكون له.
7ـ أن الرواة والشيوخ الذين يروي عنهم ابن قتيبة عادة في كتبه لم يرد لهم ذكر في أي موضع من مواضع الكتاب.
8ـ يبدو من الكتاب أن المؤلف يروي أخبار فتح الأندلس مشافهة من أناس عاصروا حركة الفتح من مثل (حدثتني مولاة لعبد الله بن موسى حاصر حصنها التي كانت من أهله) والمعروف أن فتح الأندلس كان سنة 92 أي قبل مولد ابن قتيبة بنحو مائة وواحد وعشرين عاماً!!!!!
9ـ أن كتاب الإمامة والسياسة يشتمل على أخطاء تاريخية واضحة، مثل جعله أبا العباس والسفاح شخصيتين مختلفتين!!! وجعل هارون الرشيد الخلف المباشر للمهدي!!! واعتباره أن هارون الرشيد أسند ولاية العهد لابنه المأمون ومن ثم لابنه الأمين!!! وإذا رجعنا إلى كتاب المعارف لابن قتيبة نجده يمدنا بمعلومات صحيحة عن السفاح والرشيد تخالف ما ذكره صاحب الإمامة والسياسة.
10ـ أن في الكتاب رواة لم يرو عنهم ابن قتيبة في كتاب من كتبه من مثل (أبي مريم وابن عفير).
11ـ ترد في الكتاب عبارات ليست في مؤلفات ابن قتيبة نحو (وذكروا عن بعض المشيخة) (حدثنا بعض المشيخة) ومثل هذه التراكيب بعيدة كل البعد عن أسلوب وعبارات ابن قتيبة ولم ترد في كتاب من كتبه.
12ـ من الملاحظ أن مؤلف الإمامة والسياسة لا يهتم بالتنسيق والتنظيم فهو يورد الخبر ثم ينتقل منه إلى غيره ثم يعود ليتم الخبر الأول، وهذه الفوضى لا تتفق مع نهج ابن قتيبة الذي يستهدف التنسيق والتنظيم.
13ـ أن مؤلف الإمامة والسياسة يروي عن اثنين من كبار علماء مصر وابن قتيبة لم يدخل مصر ولا أخذ عن هذين العالمين.
14ـ أن ابن قتيبة يحتل منزلة عالية لدى العلماء فهو عندهم من أهل السنة وثقة في علمه ودينه، يقول السلفي (كان ابن قتيبة من الثقات وأهل السنة) ويقول ابن حزم (كان ثقة في دينه وعلمه) وتبعه في ذلك الخطيب البغدادي ويقول عنه ابن تيمية (وإن ابن قتيبة من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق والمنتصرين لمذاهب السنة المشهورة) وهو خطيب السنة كما أن الجاحظ خطيب المعتزلة. ورجل هذه منزلته لدى رجال العلم المحققين هل من المعقول أن يكون مؤلف كتاب الإمامة والسياسة الذي شوّه التاريخ وألصق بالصحابة الكرام ما ليس فيهم؟؟!!
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[22 - 10 - 04, 02:59 ص]ـ
¥