تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مريم، ولا يزال الأمر فيكم إلى قيامة الساعة ... فزادت فتنة القوم به وأظهروا له

شدة الطاعة " [31]!!.

هكذا تجرأ ابن تومرت على الله ورسوله فحرف الأحاديث الصحيحة وأقحم

دلالتها ليضل الناس فيلتفوا حوله، وقد خفيت هذه الأباطيل على قومه في بادئ

الأمر فأقبلوا على دعوته وتفانوا في خدمتها لاعتقادهم بأنه هو المهدي، حتى قال

قائلهم حينا وقف على قبر ابن تومرت بعد مماته:

سلام على قبر الإمام المجدد ومحيي علوم الدين بعد مماتها

أتتنا به البشرى بأن يملأ الدنا سلالة خير العالمين محمد

ومظهر أسرار الكتاب المسدد بقسط وعدل في الأنام مخلد [32]

هكذا أصبحت بلاد السوس بالمغرب الأقصى تغلي حماساً وولاءً لدعوة ابن

تومرت لكنه توفي قبل أن يُحكم البناء ويُوسع إطار دعوته، فقد وافاه الأجل في

شهر رمضان 524 هـ وكانت مدة حكمه حوالي تسع سنوات [33]، وقد ترك

حرباً مشتعلة بين أتباعه والمرابطين وكل من خالف دعوة الموحدين في أرض

المغرب الأقصى، كما خلف أتباعاً مؤمنين بدعوته محاربين لأجلها.


(1) لعل من أهم الكتب التي عنيت برصد حركة الرافضة والباطنية والعبيديين وغيرها كتاب وجاء دور
المجوس لمؤلفة عبد الله محمد الغريب، إلا أن هذا الكتاب على الرغم من ذكره لكثير من الدعوات
الضالة فقد أغفل الموحدين.
(2) على الرغم من الهفوات الواضحة التي وقع فيها محمد بن تومرت مؤسس دعوة الموحدين فإن
كثيراً من الكتاب القدامى والمحدثين قد انطلت عليهم حقيقة دعوة الموحدين فظنوا بها خيراً، فمن
المؤرخين القدامى ابن خلدون، حيث حصر هفوات ابن تومرت بزلة واحدة هي موافقته للرافضة في
القول بعصمة الإمام حيث قال: " ولم يحفظ عنه فلتة في البدعة إلا ما كان من وفاقه الإمامية من
الشيعة في القول بالإمام المعصوم " (ابن خلدون: العبر 11/ 471 - 472) أما من الكتاب المحدثين
فمحمد سعيد العريان، ومحمد العربي العلمي محققا كتاب المعجب للمراكشي حيث ذكرا أن كثيراً من
المؤرخين المشارقة قد أنكروا ما جاء به ابن تومرت ونسبوه إلى الدجل والشعوذة، كما تعقبوا دعاويه
بالتفنيد والإبطال وقد عزا الكاتبان هذا الموقف من قبل هؤلاء المؤرخين المشارقة إلى سبب رئيسي
هو " لأن المغرب الإسلامي لم يكن يعترف بشيء من الولاء للخليفة العباسي في بغداد، ولم يدع له
يوماً على منبر من منابر المغرب لا في الأندلس ولا في الشاطئ الأفريقي فما ملك يخلعون في سبيله
طاعة الخليفة ويخرجون عن الولاء له؛ ومن ثم كان رأي مؤرخيهم في شيخ الموحدين على أن الرأي
مهما يختلف في شأن محمد بن تومرت فمما لاشك فيه أنه رجل من أهل الإيمان والفطنة، كان له رأي
في سياسة الدولة الإسلامية يستند إلى أساس من الدين " (المراكشي: المعجب ص 276، حاشية رقم
2) هكذا كانت نظرة هذين الكاتبين لدعوة ابن تومرت وهي بلا شك نظرة سطحية حيث فسراها تفسيراً
سياسياً مع أنها كانت تستند إلى أسس عقدية بحتة.
(3) لما تولي في دولة بني مدرار محمد بن الفتح بن مدرار أعلن في سنة 342 هـ اعتناقه للمذهب
المالكي وقد انتهت هذه الدولة في عهده سنة 349 هـ حينما قضى عليها العبيديون.
(4) انظر في تفصيلات هذا الخلاف كلاً من: المراكشي: المعجب / 245، ابن الأثير: الكامل 10 /
578، ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 53، ابن السراج: الحلل السندسية 1/ 985.
(5) من هؤلاء المؤرخين أبو بكر الصنهاجي المعروف بالبيذق في كتابة المقتبس من كتاب الأنساب،
ص 12، ابن القطان: نظم الجمال، ص 34، الزركشي: تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية،
ص 12، ابن خلدون: العبر 6/ 226.
(6) ممن قال بهذا الرأي ابن أبي زرع الفاسي في كتابه الأنيس المطرب، ص 172، ابن عذارى:
البيان المغرب 4/ 68، ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4/ 70.
(7) عصر المرابطين والموحدين / 160.
(8) المراكشي: المعجب / 179، الزركشي: تاريخ الدولتين / 4.
(9) ابن خلكان: وفيات الأعيان 5/ 46، ابن الأثير: الكامل 10/ 570.
(10) عبد الله علام: الدولة الموحدية في عهد عبد المؤمن / 51، سعد زغلول عبد الحميد: محمد
ابن تومرت / 13.
(11) الزركشي: تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية / 4.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير