تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جابر سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان يقول: إن علياً يرجع إلى

الدنيا [14]، وروي عن سفيان بن عيينة أنه يعني جابر كان يقول: علي دابة

الأرض [15].

ومنهم أبو النصر محمد بن السائب الكلبي الكوفي الذي قال فيه ابن حبان:

وكان الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ [16]. ويقول عنه الحافظ ابن

زريع البصري: رأيت الكلبي يضرب صدره ويقول: أنا سبئي، أنا سبئي [17].

وأبعد في الخطأ من الزعم السابق بأن السبئية ليست طائفة لها عقيدة محددة

قول الدكتور الهلابي بأن السبئية مجرد كلمة تطلق للتعيير والذم [18].

وإذا كانت كذلك، فلابد أن يكون لها أصل في اللغة، وعند الرجوع إلى

معاجم اللغة وجدنا أن سبأ تعني: من حلف على يمين كاذبة غير مكترث بها

والخمر اشتراها ليشربها، والجلد سبأه أي أحرقه [19].

ولم يقل أحد من علماء اللغة أن السبئية تعني الذم والتعيير، بل قال صاحب

لسان العرب: وسبأ اسم رجل يجمع عامة قبائل اليمن، وهو اسم مدينة بلقيس

باليمن، والسبأية أو السبئية من الغلاة، وينسبون إلى عبد الله بن سبأ [20].

وقال الزبيدي: وسبأ والد عبد الله المنسوبة إليه الطائفة السبئية بالمد كذا في

نسختنا، وصحح شيخنا السبئية بالقصر كالعربية وكلاهما صحيح، من الغلاة،

جمع غال وهو المتعصب الخارج عن الحد في الغلو من المبتدعة، وهذه الطائفة

من غلاة الشيعة [21].

رابعاً - موقف الإمام علي من السبئية:

يقول الدكتور الهلابي: وهذه الروايات التي تروي بأن السبئية قالت لعلي:

أنت خالقنا ورازقنا لا يمكن أن يقبلها المنطق السليم، إذ لا نعرف أحداً من العرب

عبد إنساناً واعتقد أنه هو الخالق الرزاق، لا في الجاهلية ولا في الإسلام، بل لا

نعرف أن أحداً من المسلمين ارتد عن دين الله ارتداداً صريحاً بعد الردة التي حدثت

بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-مباشرة ... لماذا يعاقبهم علي بالإحراق في

النار وهي عقوبة غير مألوفة لا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-ولا في

عهد الخلفاء الراشدين قبله؟ ألا يمكن أن يضربهم بالسياط ليستتيبهم فإن لم يتوبوا

قتلهم بالسيف؟ [22].

إن خبر إحراق علي رضي الله عنه لطائفة من الزنادقة المرتدين تكشف عنه

الروايات الصحيحة في كتب الصحاح والسنن والمعاجم، فقد ذكر الإمام البخاري

في كتاب استتابة المرتدين في صحيحه عن عكرمة قال: أتي علي رضي الله عنه

بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي -

صلى الله عليه وسلم-: (لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم لقول الرسول -صلى الله

عليه وسلم-: (من بدل دينه فاقتلوه) [23].

ولفظ الزندقة ليس غريباً عن عبد الله بن سبأ وطائفته، يقول ابن تيمية: إن

مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ [24]. ويقول الذهبي: عبد الله

ابن سبأ من غلاة الزنادقة، ضال مضل [25]، ويقول ابن حجر: عبد الله بن سبأ

من غلاة الزنادقة ... وله أتباع يقال لهم السبئية معتقدون الإلهية في علي بن أبي

طالب، وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته [26]، ويقول في موطن آخر بأن أحد

معاني الزندقة الادعاء بأن مع الله إلهاً آخر [27]، وهذا المعنى قال به ابن سبأ

وأتباعه، وجزم بذلك أصحاب المقالات والفرق والمحدثون والمؤرخون.

وروى خبر الإحراق أيضاً أبو داود في سننه: في كتاب الحدود باب الحكم

فيمن ارتد [28]، والنسائي في سننه: في كتاب الحدود [29]، والحاكم في

المستدرك، في كتاب معرفة الصحابة [30]، والطبراني في المعجم الأوسط من

طريق سويد بن عقلة أن علياً بلغه أن قوماً ارتدوا عن الإسلام، فبعث إليهم

فأطمعهم، ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا، فحفر حفيرة ثم أتى بهم فضرب أعناقهم

ورماهم فيها، ثم ألقى عليهم الحطب فأحرقهم ثم قال: صدق الله ورسوله [31].

وروي من طريق عبد الله بن ثريد العامري عن أبيه قال: قيل لعلي إن هنا

قوماً على باب المسجد يدعون أنك ربهم، فدعاهم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟

قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، فقال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم، آكل الطعام كما

تأكلون، وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء وإن عصيته خشيت

أن يعذبني، فاتقوا الله وارجعوا، فأبوا: فلما كان الغد غدوا عليه فجاء قنبر فقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير