10 - وقالوا: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم تسعة أعشار الوحي"، ولقد رد على مقالتهم هذه أحد أئمة أهل البيت وهو الحسن بن محمد بن الحنفية في رسالته التي سماها بـ (الإرجاء) والتي رواها عنه الرجال الثقات عند الشيعة فيقول: و"من قول هذه السبئية: "هُدينا لوحي ضل عنه الناس، وعلم خفي عنهم"، وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله كتم تسعة أعشار الوحي، ولو كتم صلى الله عليه وسلم وآله شيئا مما أنزل الله عليه لكتم شأن امرأة زيد، وقوله تعالى: {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِك…} "، وقال الحافظ الجوزجاني (ت259هـ) عن ابن سبأ: "زعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي فنهاه عليّ بعدما همّ به".
11 - وقالوا: إن عليا في السحاب، وأن الرعد صوته، والبرق سوطه، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين، ولقد أشار إلى معتقدهم هذا اسحاق بن سويد العدوي في قصيدة له برئ فيها من الخوارج والروافض والقدرية، منها:
برئت من الخوارج لست منهم
من الغَزَّالِ منهم وابن باب
ومن قوم إذا ذكروا عليا
يردُّون السلام على السَّحاب
وعقب الشيخ محي الدين عبد الحميد - رحمه الله - على هذا المعتقد بقوله: "ولا زلت أرى أطفال القاهرة يجرون وقت هطول الأمطار، ويصيحون في جريهم (يا بركة عليّ زود) ".
موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته
من ابن سبأ وأتباعه
قال علي رضي الله عنه: "سيهلك فيّ صنفان محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق، و خير الناس فيّ حالا النمط الأوسط فالزموه والزموا السواد الأعظم فإن يد الله على الجماعة".
وهكذا شاء الله أن ينقسم الناس في علي رضي الله عنه إلى ثلاثة أقسام القسم الأول مبغض مفرط وهؤلاء الذين تكلموا فيه بل غالى بعضهم فقالوا بكفره كالخوارج.
والقسم الثاني أفرط في حبه وذهب به الإفراط إلى الغلو حتى جعلوه بمنزلة النبي بل ازدادوا في غيهم فقالوا بألوهيته.
وأما السواد الأعظم فهم أهل السنة والجماعة من السلف الصالح حتى الوقت الحاضر فهم الذين أحبوا عليا وآل بيته المحبة الشرعية، أحبوهم لمكانتهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد جابه علي رضي الله عنه القسم الأول فقاتلهم بعد أن ناظرهم وأخباره معهم معروفة مسرودة في كتب التاريخ، ونريد أن نرى موقفه هو وأهل بيته من ابن سبأ وأتباعه.
لما أعلن ابن سبأ إسلامه وأخذ يظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويكسب قلوب فريق من الناس إليه أخذ يتقرب من علي بن أبي طالب ويظهر محبته له فلما اطمأن لذلك أخذ يكذب ويفتري على علي بن أبي طالب نفسه الكذب، قال عامر الشعبي - وهو أحد كبار التابعين توفي 103هـ -:"أول من كذب عبد الله بن سبأ وكان ابن السوداء يكذب على الله ورسوله وكان علي يقول: ما لي ولهذا الحميت الأسود" (والحميت هو المتين من كل شيء)، يعني ابن سبأ وكان يقع في أبي بكر وعمر
وروى ابن عساكر أيضا أنه لما بلغ علي بن أبي طالب أن ابن السوداء ينتقض أبا بكر وعمر دعا به، ودعا بالسيف وهمّ بقتله، فشفع فيه أناس فقال: "والله لا يساكنني في بلد أنا فيه"، فسيره إلى المدائن.
وقال ابن عساكر أيضا: روى الصادق - وهو أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ولد سنة 83هـ، في المدينة المنورة وتوفي فيها سنة 148هـ، وهو الإمام السادس المعصوم عند الشيعة - روى عن آبائه الطاهرين عن جابر قال: لما بويع علي رضي الله عنه خطب الناس فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له: "أنت دابة الأرض" فقال له: "اتق الله"، فقال له: "أنت الملك"، فقال: "اتق الله"، فقال له: "أنت خلقت الخلق وبسطت الرزق" فأمر بقتله فاجتمعت الرافضة فقالت: "دعه وانفه إلى ساباط المدائن فإنك إن قتلته بالمدينة - يعني الكوفة - خرج أصحابه علينا وشيعته" فنفاه إلى ساباط المدائن فثمّ القرامطة والرافضة - أي كانت بعد ذلك وبجهود ابن سبأ مركزا يجتمعون فيه قال - أي جابر - ثم قامت إليه طائفة وهم السبئية وكانوا أحد عشر رجلا فقال: "ارجعوا فإني علي بن أبي طالب مشهور وأمي مشهورة وأنا ابن عم محمد صلى الله عليه وسلم"، فقالوا: "لا نرجع دع داعيك"، فأحرقهم في النار وقبورهم في صحراء أحد عشر مشهورة، فقال: "من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم علينا أنه إله"، واحتجوا بقول ابن عباس لا يعذب
¥