تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جهاد الكفار والمنافقين على حد سواء، وأن المنافقين معطوفة على الكفار، غير أن تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم للنص، وامتناعه من قتل عبد الله بن أبي ابن سلول رأس النفاق وزعيم المنافقين، ونهيه ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي من ذلك " بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا" (3)، وكذا نهيه عمر بن الخطاب عن ذلك وحمايته من القتل وقوله لعمر: " حتى لا تحدث العرب أن محمدا يقتل أصحابه" (4) .. وكذا حمايته لدماء المنافقين بعدم إفشاء سرهم للصحابة واستئمان حذيفة بن اليمان وحده على ذلك، كل ذلك يضعنا أمام فهم مغاير تماما للمعنى اللغوي للآية الكريمة، ويقدم لنا تفسيرا عمليا يتعدى حدود اللغة المجردة إلى فهم أعمق وأشمل، ونجد أنفسنا في النهاية مسلمين بطريقة تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم عبادة وطاعة وإتباعا، وعلى ذلك نستطيع أن نحكم على فهم من يطالب بقتل المنافقين والعملاء مستشهدا بالآية الكريمة في معزل عن تطبيق النبي لها، بأنه فهم مغلوط لا يتفق وطبيعة المنهج الإسلامي، وهذا هو تفسير المفسرين للآية فكيف فسروها هكذا إلا في ضوء تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم لها؟: وقال ابن عباس أمره الله تعالى بجهاد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان وأذهب الرفق عنهم وقال الضحاك جاهد الكفار بالسيف وأغلظ على المنافقين بالكلام وهو مجاهدتهم وعن مقاتل والربيع مثله وقال الحسن وقتادة ومجاهد ومجاهدتهم إقامة الحدود عليهم وقد يقال إنه لا منافاة بين هذه الأقوال لأنه تارة يؤاخذهم بهذا وتارة بهذا بحسب الأحوال والله أعلم (5) .. ومثل ذلك ينطبق على كثير من النصوص قرآنا وسنة ..

3 – ربط القلوب بصاحب السيرة العطرة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن دواعي وأسباب تحقيق محبته دراسة سيرته ومواقفه وحياته كلها .. فتحقيق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم من أهم واجبات المسلم في الحياة لتحقيق الإيمان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " (6)، وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب في البخاري: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه " (7) والسيرة النبوية هي من أهم وسائل تحقيق هذه المحبة واستقرارها في القلوب ..

4 – تقديم قدوة عملية خالدة للأجيال المسلمة على مر العصور من خلال حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته كقصة حياة كاملة .. يقول الله تبارك وتعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)، ويقول تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، ولما بسط الله تعالى بعض قصص الأنبياء في سورة الأنعام عقب على ذلك بقوله: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) الأنعام90 .. فالمطالبة بالاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم تستوجب دراسة مسيرة حياته بكل دقائقها وتفاصيلها للتأسي بها في كل موقف من مواقف الحياة المعاصرة ..

5 – المضي على منهج القرآن الكريم الذي قص علينا سير الأنبياء السابقين مثل (آدم - نوح - إبراهيم– يوسف - موسى – عيسى وأمه مريم .. عليهم جميعا السلام) بصورة شبه كاملة تقريبا .. فأصبح لزاما علينا أن نجمع سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كذلك، لتحقيق الأهداف التي من أجلها بسط الله تعالى سير الأنبياء عموما ..

6 – السيرة النبوية مع الحديث الشريف يمثلان معا السنة النبوية وهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم من مصادر التشريع الإسلامي، لأن السنة النبوية تشمل الأقوال والأفعال والتقرير، وإذا كان علم الحديث يقوم في المقام الأول على الأقوال فإن المواقف والأفعال والمواقف التقريرية تعتبر عماد السيرة النبوية، وإذا كانت كتب السنة والصحاح قد حوت كل ذلك دون تفرقة بين الحديث المنطوق وبين المواقف المختلفة، إلا أنه جاز جمع ما يمثل سيرته صلى الله عليه وسلم جمعا مستقلا لتحقيق الأهداف المرجوة من دراسة السيرة النبوية .. يقول الدكتور البوطي عن كتب الحديث: وإن كانت عناية هذه الكتب الأولى تنصرف إلى أقوال رسول الله وأفعاله من حيث أنها مصدر تشريع لا من حيث هي تاريخ يدون. (8)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير