تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

14. العصمة للأنبياء، وكلنا خطاء، وقد قال سعيد بن المسيب رحمه الله:" ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل – يعني من غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله". وقد صح عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تذكروا هلكاكم إلا بخير".

15. ينبغي لمن يتصدى لتأريخ الأعلام أن يتجنب الألفاظ الجارحة، قال المزني: سمعني الشافعي يوما وأنا أقول: فلان كذاب، فقال لي: أحسِنها، لا تقل كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء. ونحوه عن البخاري وأيوب رحم الله الجميع. وذلك حتى لا يتعود لسانه على هذه الألفاظ الجارحة.

16. لا يعرف تاريخ الدول الحق في وقتها، وقد ذكر المؤرخ الذهبي رحمه الله إعراض أهل الجرح والتعديل عن الكلام في الخلفاء وآبائهم وأهليهم خوفا منهم. قال: وما زال هذا في كل دولة قائمة،يصف المؤرخ محاسنها ويغضي عن مساوئها".

17. من كمال الأدب مع الأعلام المسلمين، من أهل الفضل والخير أن نترحم عليهم عند ذكرهم، وقد قال رزق الله التميمي الحنبلي رحمه الله (ت 488هـ): يقبح بكم أن تستفيدوا منا ثم تذكرونا ولا تترحموا علينا".

18. من المعلوم أن النوازع النفسية تؤثر على الإنسان، ومن الأهمية بمكان أن يعلم طالب النسب أن كل متكلم في النسب سواء أكان في كتاب أم خطاب فإن القليل النادر من يتجرد من الأهواء الشخصية، ويمكن ملاحظة ذلك بأمور:

• تجده إذا اختار من الأخبار فإنه يبرز ما يروق له ولمن يواليه، ويحذف أو يحرف ما لا يرضاه، وقد يورده بصورة مشوهة، فليكن طالب النسب على حذر من ذلك، بأن يعدد مصادر التلقي، ويقارن بين الكتب، ويعرف من عرف عنه التعصب أو التحريف من أهل التصنيف.

• كما تحده يذكر مثالب بعض القبائل والعوائل لشيء في نفسه، ولكننا ولله الحمد نجد أن المسلمين الشرفاء، لم يحفلوا بتلك المصنفات حتى فقدت ولم يبق منها إلا أسماؤها، وبقي عا تصنيفها على مصنفيها ككتب علان الشعوبي وغيره. وما أحسن أن يدعو كل باحث بدعاء الصالحين:"وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " (الحشر/10).

• ومنها أن يبرز المواقف السيئة للأشخاص المنتسبين إلى العوائل مما يشكل حساسية وحرجا لبقية عائلته أو قومه، مع أن الله تعالى قال:" ولا تزر وازرة وزر أخرى"، إلا أن الناس يعيرون القبيلة بذنب الفرد، ولذا فإن تسمية من حصل له الموقف دون نسبته أفضل إلا إذا اشتهر وعرف وكثر ذكره.

• ومنها أن يذكر هجاء الشعراء للقبائل القديمة، وكلنا يعرف كيف فعل بيت جرير في قبيلة بني نمير، ولكننا لم نتساءل عن مسؤولية كلمته أمام الله تعالى، عندما ظلم قبيلة كاملة بسبب مهاجاة بينه وبين شاعر، وقد ذهب الجميع وبقي الهجاء إلى يوم الدين، فما أعظم مسؤولية الأديب. وليعلم أن الناقل مسؤول عن نقله، لقوله تعالى:" لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا".

ومن كمال عقل العجاج أنه قيل له: إنك لا تحسن الهجاء، فقال: إن لنا أحلاما تمنعنا من أن نظلم، وأحسابا تمنعنا من أن نُظلم. وهل رأيت بانيا لا يحسن أن يهدم.

ولو طبق لحكام الدول الإسلامية السابقون حكم الله في الهجائين لما رأينا القصائد الكثيرة المخجلة في الهجاء المقذع غير المبرر، ولذا نجد أنه لما هجا الحطيئة الزبرقان بن بدر سجنه عمر رضي الله عنه، فاستعطفه بأبيات وشفع له ابن عوف وعمرو بن العاص رضي الله عنهما فأخرجه عمر وهدده بقطع لسانه إن عاد يهجو أحدا.

• ومن المعلوم أن من علوم الأخبار ما هو محرم البحث فيها والنظر والكتابة وذلك في أربع مجالات ذكرها السخاوي رحمه الله وهي:

1. ذكر الخرافات المنسوبة إلى الأنبياء

2. البحث فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم لأن ذلك مفضٍ إلى الوقوع فيهم.

3. البحث فيما جرى من الأكابر من شرب للخمور واقتراف للمحرمات وذلك لأنها من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا والكذب فيها كثير.

4. ذكر مساوئ السابقين ومثالبهم لحديث" اذكروا محاسن موتاكم" وحديث" لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء". والمتحدث في الأنساب يحتاج إلى أن يجعل هذا الحديث نصب عينيه دائما.

ـ[احمد المزني المدني]ــــــــ[08 - 09 - 09, 08:59 ص]ـ

......

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير