تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمثلا: بالعربية: غنى، وغنية، وغنيمة. أصبحت بلغة الهنود الحمر: "غواني" " Guani معناها: الذهب. كلمة كنقود، ونقية، ونحاس، أصبحت بلغتهم: "نيكاي بمعنى: حلي من ذهب. كلمة "التبر صارت: "توب أي: الذهب. وكذلك لقبا للملك من ملوكهم. أي: أن هذه الكلمات العربية لا يمكن أن تصل إليهم لولا وجود عربي هناك.

تجارة القطن مهمة كذلك؛ لأنه لم يكن قطن في أمريكا، بل جاء من إفريقيا الغربية، وتعجب كولومب نفسه في كتاباته حيث قال: "إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات". وابنه أكد ذلك الكلام كذلك.

والغريب في الأمر – وهو ما سأفصله من بعد إن شاء الله – أن قبيلة موجودة الآن في أمريكا الوسطى اسمها: "كاليفونا" “ Galifona” في غواتيمالا، يسمونهم: "الهنود الحمر السود"، لأنهم هنود حمر غير أنهم سود الألوان، وهم من بقايا المسلمين الماندينكا الذين كانوا هناك، وكثير من عاداتهم لا زالت عادات إسلامية إلى الآن. سأتكلم عن هذا عند حديثي عن بقايا هذه الشعوب، ماذا فُعل بها، وكيف كان مصيرها؟.

وقال "مييرا موس" في مقال في جريدة اسمها: "ديلي كلاريون"، " Daily Clarion"، في "بيليز"، وهي إحدى الجمهوريات الصغيرة الموجودة في أميريكا الوسطى، بتاريخ عام 1946م: "عندما اكتشف كريستوف كولومب الهند الغربية، أي: البحر الكاريبي، عام 1493م، وجد جنسا من البشر أبيض اللون، خشن الشعر، اسمهم: "الكاريب"، كانوا مزارعين، وصيادين في البحر، وكانوا شعبا موحدا ومسالما، يكرهون التعدي والعنف، وكان دينهم: الإسلام، ولغتهم: العربية! ". هكذا قال.

نحن في المدرسة لا يعلموننا هذا الشيء، يقولون: "كان الكاريب وانقرضوا". لم ينقرضوا؛ بل أفنوهم!!. أفنوهم!. وإلى هذا اليوم تسمى تلك الجزر بالكاريبي، في البحر الكاريبي، سميت عليهم.

والذين بقوا – وذلك لمخالطتهم للهنود الحمر – هم: "الكاليفونا"، وقد بقوا إلى يومنا هذا في أمريكا الوسطى، ولا شك أن أصولهم إسلامية، لأن الكثير من العادات الإسلامية لا زالت فيهم.

أين هي هذه الشعوب الآن؟.

كثير من الشباب المسلم أنشأ علاقات مع الكاليفونا، وكثير منهم رجع إلى الإسلام، وأصبحت مساجد كثيرة تظهر في تلك الشواطيء بين هؤلاء الكاليفونا.

أما هؤلاء الميلونجونس، والذين هم مهاجرون من البرتغال في أوائل القرن السادس عشر؛ فقد هربوا من محاكم التفتيش إلى البرازيل، فلما جاء البرتغاليون واحتلوا البرازيل؛ تابعتهم محاكم التفتيش، فركبوا البواخر وهربوا إلى أمريكا الشمالية، قبل أن يصلها الإنجليز، واختلطوا مع قبائل الهنود الحمر. غير أن الإنجليز لما عادوا عاملوهم معاملة الهنود الحمر، قتلا وإبادة، فهربوا إلى جبال الأبالاش. واحد منهم اسمه: "بروند كينيدي"، " Brand Kennedy"، أخذ تمويلا من جامعة فرجينيا الغربية " West Virginia"، لدراسة أصول هؤلاء القبائل، ومن أين أتوا، لأنه واحد منهم.

وبدءا من دراسة عاداتهم؛ اكتشف بأن أصولهم - كما ذكرت - من المسلمين الأندلسيين. والغريب في الأمر أن التاريخ مخيف، فأي شعب يُضطهد إلا وينتقم لنفسه بطريقة من الطرق:

أحد زعماء الولايات المتحدة، الذي هو سليل هذا الشعب، هو "أبراهام لينكولن"، انظر إلى صورته وصورة أفراد الميلونجونز كيف يشبههم، وبذلك يظهر بأن الجذور في تحرير السود هي كأنه يحرر نفسه، فانتقم بتلك الطريقة من النصارى البيض.

وهذا الذي أهداني هذا الكتاب نفسه، والذي هو أستاذ في جامعة طورنطو” Toronto”، أصله كذلك: من جهة ينتمي للميلونجونس، ومن الجهة الأخرى للزنوج.

وخلاصة الأمر التي أردت أن أقولها بعد هذا التقديم الذي إنما أردت منه أن أفتح شهيتكم الفكرية: أن هذا المجال – ومع الأسف الشديد – نحن المغاربة نعاني من خصاص تجاهه، بالرغم من أننا نحن المعنيين بالأمر، وبهذه الحركة، تجاه أميركا الجنوبية، نعاني من نقص كبير في جامعاتنا، كيف نبحث في تراثنا عن هذا الشيء؟. ضروري أنه عندنا وثائق في هذا الشأن، وبالطبع لن يسموها بأمريكا، لأنه لم يكن ذلك الوقت شيء اسمه "أمريكا"، كان لها اسم آخر بلا شك، ما هو بالضبط؟. لا ندري. لكن كان من الممكن أن نبحث في وثائقنا لنعرف هذه العلاقة التي كانت تربطنا بأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب.

والموضوع الثاني: أنه بصفة عامة، وخاصة ما يخص التاريخ، يجب أن نعتمد على أنفسنا لمعرفة جذورنا. أنا أذكر أنه عندما كنت صغيرا كانوا يعلمونني في المدرسة الفرنسية بأن العرب ليس لهم تاريخ، وذلك ليحطمونا، لأن الشعب الذي لا تاريخ له لا هوية له، شعب فاقد لذكراه التاريخية. ولولا أن الوالد رحمه الله كان ينبهني بأن تاريخنا كذا وكذا، وكان لأمتنا من المفاخر كذا وكذا، لكبرت وعندي مركبات نقص فظيعة.

وإحدى الأسلحة القوية للشعوب المتغطرسة التي تريد أن تمحو وجود الشعوب المستضعفة الأخرى: هي تحريف التاريخ. ولذلك فإنه من العار علينا أن نعتمد في اكتشاف تاريخنا، أو تاريخ الإسلام، أو تاريخ المغاربة، أو غيره ... على الوثائق الغربية، وإن كنا نحمد الله على بقاء آثار إسلامية في الغرب مثل ما عند دوقة مدينة سيدونيا، والتي أخرجت وثائقها وبرهنت على الوجود الإسلامي أربعمائة وخمسمائة عام في أمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب. أو يأتي واحد مثل "براند كينيدي"، ليثبت بأن شعبا كاملا من أمريكا الشمالية ذو أصول إسلامية.

وبهذا أريد أن أوصي توصية واحدة؛ وهي: أنه واجب علينا أن نربط علاقات مع هؤلاء الناس، ونحيي الأبحاث في هذا المجال. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

-انتهت المحاضرة المباركة، ويليها تعقيبات الأساتذة الحضور بإذنه تعالى-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير