تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما المسائل العلمية {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}، الحقائق العلمية، لا يمكن أن تمحى، لا يمكن أن يمحوها لا الإنترنيت ولا أكثر من الإنترنيت، فالإنترنيت موجة مارة وستأتي بعد الإنترنيت موجة أهم، واكتشافات تدهش العالم كما يتوقعه العلماء.

لنعد إلى موضوع التاريخ: هناك تاريخ حقيقي وتاريخ مفترى، وكثير من حقائق التاريخ لم يعرفها أي أحد، فالتاريخ الذي نعرفه هو الذي يدرسه العلماء، لأن التاريخ بيد من؟، بيد السلطة، التاريخ الذي نعرفه هو التاريخ الرسمي، كم من أشياء نعيشها اليوم، وعاصرناها وعرفناها، في سنوات قليلة، كل واحد عمره خمسون سنة، ثلاثون سنة، أربعون سنة، فهناك حقائق تاريخية لا تجد لها صدى لا في الصحافة ولا في الميديا ولا في الإنترنت ولا في التاريخ، ولكن الذي بقى هو التاريخ الرسمي الذي يكتبه الممولون الساهرون، الحريصون على تحويل ذلك التاريخ وإظهاره للعالم كحقائق ثابتة وحقائق دائمة.

ولذلك؛ فقضية وجود المسلمين في أمريكا ووجود غير المسلمين قبل الفراعنة كذلك، هي مسائل لم تكن وراءها مصلحة، ولم تكن وراءهم سلطة، لم يكن وراءهم تاريخ رسمي يشجع، ولذلك يلفت النظر إلى أن قضية كريستوف كولومب ثبتت لأنه كانت وراءه سلطة، كان ممولا. وهو نفسه لم يكن يعرف أنه سيكتشف أمريكا، ذهب في مهمة سياسية رسمية لكتابة تاريخ جديد، وكتب ذلك التاريخ.

ولذلك فإن بحث الدكتور لننظر كيف نريده؟، هل نريده تاريخا علميا، أو تاريخا سياسيا؟. إن كان تاريخا سياسيا فليس هذا من شأننا، لسنا بسياسيين ولسنا بسلطويين، لا مغاربة ولا أندلسيين ولا إسبانيين ولا غير ذلك، فمن مصلحة أصحاب التاريخ وأصحاب السلطة أن عندهم وسائل ليكتبوا هذا التاريخ، نحن إذا أردنا أن نسير كعلماء فلنتخذ هذه الطريقة التي قامت بها هذه الدوقة الإسبانية حيث كتبت هذا الكتاب ومولته بطريقتها الهادئة، فنحن أيضا نبحث في هذا الطريق، ونضعه في السوق العلمية، وللعلماء أن يقرروا.

تعقيب المحاضر الدكتور علي الكتاني

في الحقيقة أنا شخصيا اهتمامي بتاريخ الوجود الإسلامي في القارة الأميركية وغيرها، هو سند لمستقبل الوجود الإسلامي في القارة الأميركية، وأعطي بعض المعلومات التي هي نتيجة للتقديم الذي قدمته:

ذلك أن صديقا عراقيا أتاني بمخطوطة بالعربية وجدها في مكتبة بألمانيا، وذلك طبقا لما يعرفه عني من الاهتمام بأمريكا والإسلام بها، والمخطوطة تأتي في مائة وعشرين صفحة، بخط عربي مشرقي جميل، وكتبها رجل اسمه "كذا البغدادي"، الذي كان إمام البحرية العثمانية في إصطنبول، أصله من بغداد وكان يعيش في سوريا، وعين إماما للبحرية العثمانية. هذا الرجل خرج في مهمة بحرية من إصطنبول للبصرة، وبالطبع لم تكن وقتئذ قناة السويس، فالطريق من إصطنبول إلى البصرة بحرا، كان عليه أن يقطع من أجلها البحر الأبيض المتوسط مارا بجبل طارق والمحيط الأطلسي، عائدا من طريق رأس الرجاء الصالح إلى المحيط الهندي، ثم خليج فارس أو الخليج العربي، إلى البصرة.

ولما وصلوا إلى المحيط الأطلسي أرسلتهم التيارات البحرية إلى ريو ديجانيرو، في البرازيل، قال وهو يتحدث في كتابه المشوق جدا أنه خرج من الشارع للسفينة، وإذا بأناس ينادونه: "السلام عليكم" فظنهم يستهزئون به. وفي قصة طويلة، اكتشف وجود جماعة إسلامية سرية، وقرر البقاء ثمة، فبقي عاما بينهم، مارا من بلاد لأخرى، وقد سماها، وأعطى تفصيلا عن طريقة عيش هذه الجماعات الإسلامية السرية.

هذا الكتاب أعطيته لإحدى طالباتي في جامعة ابن رشد الإسلامية في قرطبة للحصول على الإجازة (البكالوريوس) وترجمته من العربية للإسبانية، وهي برتغالية، وقد وعدتني أنها ستترجمه إلى لغتها البرتغالية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير