النقطة الثانية: وهي فظيعة ومرعبة عند رؤيتها، ذلك أنه لا يمكن القضاء على شعب من الشعوب. أنا عندما أرى أبراهام لينكولن انتقم للأندلس باسم تحرير السود في أميركا لأن أصله – فيما اكتُشف بعد – أندلسي، هذا شيء مرعب، إذن؛ لا يمكن أن تُقتل أمة من الأمم، وكذلك هذا الوجود بالرغم من أنه لم يبق منه سوى بقايا، فإنه كذلك الرماد الذي يحيى. وبرهان ذلك: أنني أنا شخصيا صليت وراء إمام من الهنود الحمر في غويانا، ربما هذا من سلالتهم، ربما هؤلاء الشباب الذين يذهبون لأمريكا الوسطى إلى تلك القبيلة يدخلون أهلها للإسلام، لأنه من السهولة إدخالهم للإسلام ..
فأنا شخصيا كنت في منطقة أخرى، وذلك في زيلاندا الجديدة " New Zeeland"، في المحيط الهادي، وتعمدت أن ألتقي بزعماء "الماورين" الكبار وشيوخهم، وهم - "الماوري" - سكان نيوزيلندا الأصليون، وقلت لهم: "عدوا المسلمين المتواجدين هنا ضيوفكم، وليسوا ضيوف ضيوف الأوروبيين البيض، هم ضيوفكم، فقط لونهم أبيض، ولكنهم مسلمون"، وأنشأنا علاقة بينهم, والشاهد عندنا: أن زعيمهم قال لي: "الذي نعتقده هو أن أصلنا من المشرق"، بل فهمت منه أنه يريد القول بأن أصلهم من بلاد عربية.
صحيح هذا أو ليس بصحيح، المهم أنه ممكن إنشاء علاقات والبناء عليها بخصوص نشر الإسلام بينهم، نحن مقصرون تقصيرا شديدا، وأقول: "نحن" أي: المسلمين، عندنا إمكانيات كبيرة لربط العلاقات مع شعوب الأرض، سواء أوروبا أو أمريكا أو غيرها، خاصة الشعوب الأصلية، بيد أننا معرضون عن ذلك.
فعلا؛ نحن "مازوشيّون": نحب أن نؤذى ونضطهد، ثم نبكي، ونقول: "هؤلاء آذونا"، سواء اليهود أو النصارى أو غيرهم، ونحن في إمكاننا أن نقلب الدنيا إذا أردنا، فقط بالتي هي أحسن.
فالآن – مثلا – الإمكانية التي عند هذه الدوقة ليست عند الحكومات المغربية كلها، عندها إمكانية، وهي مستعدة لبذل مالها وبيتها وكل شيء، ولكن لماذا؟. لأنها تنتمي إلينا، تنتمي إلينا، تشعر بأن أصلها مسلم، وعندها وثائق، وعندها إمكانية، وعندها حرية. ومثلها كثير في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا.
فلو أنشأنا جمعية للدراسات التاريخية الأمريكية الأوروبية، أو أي شيء بهذا المعنى؛ يا ما يمكن أن نفعله وننتجه، ولكن تبقى المشكلة دائما هي: من أين التمويل؟.
نحن الدول النامية – مع الأسف الشديد – ونحن من المغطوسين فيها، لا نعطي قيمة للبحث، ولا نموله، دول أخرى تعطي قيمة للبحث واحدا في المائة من مدخولها للبحث العلمي، أو ثلاثة في المائة، أما نحن؛ فإذا أعطينا 1*6 - 10، فنعم ما فعلنا. ليس عندنا بحث علمي لا في الفيزياء ولا في الكيمياء، ولا في التاريخ، ولا في الجغرافيا، ولا في أي شيء ...
أما بالنسبة للمغرب كمغرب؛ فنحن يجب أن نعرف جذورنا وتاريخنا، لا نعرف ذلك جيدا، وتوجد مجالات كثيرة للبحث فيه، وأعيد وأكرر: يجب أن نقرأ كتبنا القديمة بعيون جديدة، لنجيد فهمها، لأننا إذا لم نفهمها؛ لم نستفد شيئا، وبالتأكيد يمكن أن نجد معلومات كثيرة جديدة أكثر من هذه المعلومات. وأنا إنما أتطفل لأنني مهندس كهربائي، فأنا فضولي فقط، ها. ها. ها.
انتهت المحاضرة المباركة، ونسأل الله أن يرحم مؤلفها وينفع بعلمه بمنه تعالى وكرمه
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[08 - 03 - 06, 06:01 ص]ـ
حمل المحاضرة مع تعقيباتها على ملف وورد ..
نرجو من جميع الواقفين على هذه المحاضرة نشرها قدر المستطاع، أو ترجمتها للغات العالمية، ليعم النفع بها جميع العالم، ومن استطاع تفعيل توصياتها فله الأجر عند الله تعالى بما لا يقدره غير الله:
ـ[أبو هاشم الحسني]ــــــــ[08 - 03 - 06, 07:31 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
وقد استمتعنا جداً بهذه المحاضرة النفيسة
التي تفتح آفاقاً جديدة أمام الباحثين المسلمين
ـ[احمد العوضي]ــــــــ[10 - 03 - 06, 08:02 ص]ـ
الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومب
محاضرة للأستاذ الدكتور علي بن المنتصر الكتاني رحمه الله:
والكتاب الثاني: هو مجموعة مقالات استكتبتها أنا والدكتور مختار امبو بتمويل من رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، ضمن موسوعة عن الوجود الإسلامي في العالم اليوم، مجلدان منها عن الإسلام في أمريكا. أول مقال فيها كتبه عبد الله الحكيم كويك، وهو أمريكي مسلم، أستاذ في جامعة طورنطو، وله تاريخ نضالي في أمريكا. كان من مجموعة بلاك تايغرز " Black Tigers"، وكان من المشهورين. ومقالاته هاته عن الإسلام في أمريكا قبل كريستوف كولومب، وهي مقالات موثقة ومهمة جدا.
-يتبع-
موقع الشيخ كويك
http://www.hakimquick.com (http://www.hakimquick.com/)
ـ[احمد العوضي]ــــــــ[10 - 03 - 06, 08:33 ص]ـ
وهذه محاضرة بالانجليزية للدكتور كويك عن الموضوع
http://www.islamicinvitationcentre.com/audio/Hakim_Quick/Deeper_Roots/Deeper_Roots.html
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[10 - 03 - 06, 10:50 ص]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور حمزة، ورحم والدكم، وجعل الخير في عقبه.
الموضوع رائع، ويفتح مجالاً واسعًا للبحث عن الوجود الإسلامي في كثير من بقاع العالم، وهو مصداق للحديث الشريف (ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليلُ والنهار)
ولكن عندب بعض الاستفسارات:
هل تُرجم كتاب الدوقة "من إفريقيا إلى أميركا" إلى العربية؟
وبحث الدكتور علي مروة، الذي قرأتم، وفقكم الله، هل هو منشور؟
لماذا لا يُترجم إلى العربية ويُنشر؟
الأخ أحمد:
موقع الشيخ كويك أليس فيه قسم عربي؟
¥