"ومن ثم الى قبول أن الخزر قد أسهموا في البنية التحتية السلالية لليهود إسهاماً جوهرياً بالضرورة وله السيادة والغلبة وفق أقوى الحالات" (6).
"والحقيقة أن من يزعمون أنفسهم "يهودا"، المتحدرين تاريخياً من سلالة الخزر، يشكلون أكثر من 92 بالمائة من جميع من يسمون أنفسهم "يهودا" في كل مكان من العالم اليوم ( ... ). ويؤيد أكثر مشاهير العالم وعلماء علم الإنسان وعلماء الآثار وعلماء اللاهوت والمؤرخون والعلماء عامة في كل حقل من حقول البحث العلمي. المختصون بموضوع خزر أمس "ويهود" اليوم، والمراجع والأسانيد التي تبرهن بدون أي شك عن حقائق وأرقام تظهر ما وراء هذه المسألة، مؤكدة على أن ما لا يقل عن 92 بالمائة من جميع من يزعمون أنفسهم "يهودا" في العالم اليوم، يتحدرون ممن عرفوا بـ "يهود" السلالة الخزرية تاريخياً.
وهؤلاء العلماء المشاهير يقدمون أيضاً حقائق وأرقاماً تؤكد على أن 8 بالمائة المتبقية ممن يزعمون أنفسهم "يهودا". يتحدرون من السكان الوثنيين البدو القدامى في أفريقيا وآسيا وحوض البحر المتوسط. الذين تحولوا الى عبادة يهوه، قبل تحول الخزر من عبادة قضيب الرجل الى عبادة يهوه" (7).
"وثمة مصدر مهم آخر لعملية التهود هو العدد الكبير من الناس الذين تحولوا الى اليهودية، وكانوا من أجناس شديدة الاختلاف، وممن يمثلون الهوس الديني لليهود في العصور القديمة: فلاشا الحبشة السود البشرة ويهود كاي - فنج الصينيون الذين يشبهون مواطنيهم، واليهود اليمنيون ببشرتهم الزيتونية الداكنة (كنا قد أشرنا الى كيفية تهودهم بالقوة) وقبائل برابرة الصحراء اليهود الذين يشبهون الطوارق" (8).
(1) جي نوبيرغر: الفرق بين اليهودية والصهيونية ضمن أبحاث ندوة طرابلس - ليبيا ص 192
(2) أرنولد تيبني -دراسة في التاريخ - مطبعة أكسفورد. 1960 نقلاً عن عبد الوهاب الكيالي تاريخ فلسطين الحديث ص 17
(3) للتوسع: ثريا منقوش - التوحد في تطوره التاريخي
(4) بنيامين فريدمان: يهود اليوم ليسوا يهوداً ص 19
(5) المسعودي: مروج الذهب الجزء الأول ص 212
(6) أرثر كوستلر: القبيلة الثالثة عشر ص 226
(7) بنيامين فريدمان - يهود اليوم ليسوا يهوداً ص 45
أسباب تهود الخزر
ونعود الى مناقشة الأسباب التي كانت وراء تهود أجداد من يشكلون الغالبية الساحقة من يهود اليوم وفق تواتر المصادر التاريخية.
وهناك عدة روايات حول تلك الأسباب:
فالمسعودي مثلاً يعيد ذلك الى هرب اليهود من الإمبراطورية الرومانية التي كانت ترغمهم على التحول الى الديانة اليهودية، فهرب هؤلاء الى بلاد الخزر الواقعة على مصب نهر الفولغا وجواره فوجدوا هناك جنساً ذكياً ولكنه غير متعلم وقد عرضوا عليه دينهم. فاقتنع أبناء الجنس بمحاسن الدين اليهودي وأنه أفضل من دينهم الوثني فاعتنقوه.
أما البكري في كتابه الممالك والمسالك فيقول ما ملخصه أن ملك الخزر (الخاقان بولان) كان قد اعتنق المسيحية ثم تخلى عنها بعد أن اكتشف زيفها. فطلب من أتباع الكتب المقدسة (التوراة - الإنجيل - القرآن) أن يرسلوا عنهم ممثلين ليشرحوا له حسنات كل من الديانات الثلاثة، وكان له أن اقتنع بالدين اليهودي، نتيجة لخدعة، وتلاعب على الحديث بطريقة تذكرنا برواية خداع عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري في التحيكم بين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومعاوية بن أبي سفيان.
إلا أننا إذا ما استعرضنا واقع مملكة الخزر بين بلاد المسلمين وبلاد المسيحيين وتذكرنا عقلية اليهود ودورهم في التجارة الدولية نستطيع أن نستنتج أن ملك الخزر في ذلك الزمان (الخاقان بولان) كان قد أدرك أن الوسيلة الأنجح التي تمكنه من التفلت من التبعية للإمبراطورية المسيحية أو الخلافة الإسلامية وبالتالي عدم دفع الضرائب لأي منهما، هو اعتناق دين ثالث يجعله مميزاً عن كل منهما ومقبولاً منهما في آن. خاصة وأن الوثنية التي كان عليها أبناء الخزر ممقوتة ومكروهة من المسيحيين والإسلام على حد سواء.
فكان التهود هو الخيار الثالث، فهو إضافة لما سبق يمنحهم فرصة ذهبية للدخول الى عالم التجارة الدولية التي كان يسيطر عليها اليهود ويمكنهم من لعب دور الوسيط التجاري بين الإمبراطوريتين المسيحية والإسلامية.
هذا الأمر تقاطع مع مصالح اليهود. فقد كانوا يبحثون عن بلاد يلجؤون إليها وتحقق لهم مصلحة مزدوجة:
¥