الخروج من كنف الإمبراطورية الرومانية حيث كان يفرض عليهم اعتناق المسيحية بالقوة.
يمكنهم من الركون الى دولة قوية يعتمدون عليها وتشكل قاعدة ارتكاز وحماية لهم وتساعدهم في فتح أسواق تجارية في العديد من البلدان التي تقيم علاقات مع تلك الدولة.
التهود في الإمبراطورية الرومانية
بلغ اعتناق اليهودية ذروته في الإمبراطورية الرومانية فيما بين سقوط الدولة اليهودية وظهور المسيحية، فقد تهودت كثير من العائلات النبيلة في إيطاليا ... ويتحدث فيلو عن التحول الضخم الى اليهودية في اليونان ... ويكتب المؤرخ اليهودي ريناك "لقد كان الهوس الديني حقاً إحدى أبرز سمات اليهودية خلال العصر الإغريقي - الروماني، ولا شك أن اليهودية حققت بهذه الطريقة تحولاً ضخماً إليها خلال قرنين أو ثلاثة ... ولا يمكن تفسير التزايد السريع لليهود في مصر وقبرص ... بدون افتراض امتصاص دماء غير يهودية وفيرة، وقد تماثلت سيطرة الهداية الدينية على كل الطبقات العليا والدنيا في المجتمع" (1).
واستمر التهود على هذه الوتيرة حتى ظهور الديانة المسيحية وتعاليمها ذات الطبيعة الإنسانية الحضارية المتناقضة مع تعاليم ديانة يهوه القبلية.
ثم كان الحظر الكنسي على الزيجات المختلطة مع اليهود "من قبيل ما أصدره مجمع طليطلة سنة 580 م، ومجمع روما سنة 743 م ومجمع لاتيران الأول والثاني سنتي 1123، 1139" وقد توقف الأمر تماماً مع بداية ظاهرة الغيتو وأسواره العالية وإن كان قد عاد بعد انهيار تلك الأسوار، عبر ظاهرة الزواج المختلط والتهود الفردي عن طريق الحاخامين وهذا الأمر مستمر الى يومنا هذا.
أخيراً:
"فمع أن اليهودية لا تبشر بالدين اليهودي ... فإن عدداً من أبرز الحاخامين وأكثرهم تمتعاً بالاحترام هم ممن اعتنقوا اليهودية. ومعروف أن الآباء والأمهات اليهود في العالم كله يباركون أبناءهم كل يوم سبت ومساء كل يوم عطلة. ولقد دأبوا على فعل ذلك طيلة الأعوام الألف الماضية بالطريقة نفسها.
فإذا كان الأبناء إناثاً كان نص المباركة "فليجعلك الله مثل سارة وربيكا وراشيل وليا" مع العلم أن أياً من هؤلاء النسوة لم تولد يهودية كلهن اعتنقن اليهودية اعتناقاً بعد مولدهن. أما إذا كان الأبناء ذكوراً فإن نص الدعوة يكون: "فليجعلك الله مثل أفرايم ومناشة"، مع العلم أن كل واحد منهما كانت أمه عند مولدها مصرية ثم اعتنقت اليهودية .... وأخيراً فإن - تيناح - كتاب اليهود المقدس، يضم سفر - روث - وأصلها من الموآبيين أعداء اليهود التقليديين، ولكنها اعتنقت اليهودية فيما بعد ... وفي نهاية هذا السفر - سفر روث يذكر صراحة أن روث هي الجدة الأولى لداود أعظم ملوك اليهود" (2).
إن ما ذكرنا يؤكد بلا شك أن الدين اليهودي شأنه شأن معظم الديانات مفتوح أمام من يريد أن يعتنقه. وأن أهم النساء فيما يسمى التاريخ اليهودي هن نساء غير يهوديات بالمولد. إذن أضفنا الى هذا أن الأم في الديانة اليهودية هي من تحدد النسب لعرفنا ضحالة وخف القول إن هناك شعب يهودي يعود بأصوله الى أولئك اليهود الذين أقاموا في فلسطين في فترة قصيرة عبر التاريخ القديم.
(1) كوستلر القبيلة الثالثة عشر ص 62
(2) كوستلر القبيلة الثالثة عشر ص 139
إشكنازيم - سفارديم - مزراحيم
يقول المؤرخ أرثر كوستلر: "ينقسم يهود عصرنا الى قسمين السفرديم والاشكنازي .. وفي سنة 1960 قدر عدد السفرديم بخمسمائة ألف. وبلغ عدد الأشكنازي في الفترة نفسها حوالي 11 مليوناً" (1).
هذا التقسيم صحيح بالنسبة لليهود الأوروبيين، ولكن لماذا تجاهل كوستلر الحديث عن "المزراحيم" وهم اليهود الشرقيين الذين عاشوا في البلدان العربية بشكل أساسي. هل لأنه يرى أن معظم هؤلاء جاءوا من إسبانيا إثر سقوط الخلافة الإسلامية هناك أم هناك أمر آخر.
على كل حال فإن واقع الحال يقول أن يهود اليوم ينقسمون الى: أشكناز - سفارديم - مزراحيم ومجموعات عرقية أخرى. الفلاشا على سبيل المثال.
الاشكناز:
ورد في سفر التكوين وفي سفر أحبار الأيام الأولى، أن أشكناز هو أحد أبناء جومر بن يافث. وورد أيضاً أنه أخ توجارما وابن أخ ماجوج. كما ورد في سفر أرميا الأصحاح 51 - 27 أن النبي يدعو شعبه وحلفاءهم بأن يهبوا ويدمروا بابل "نادوا عليها ممالك أراراط ومنى وأشكناز".
¥