"فإن إقامتهم في إسبانيا لمدة تزيد على ألف سنة قد تركت عليهم وعلى مضيفهم بصماتها التي لا تمحى ... فقد كان والدا سبينوازا برتغاليين من المارانوس هاجرا الى أمستردام ثم أن الأسر اليهودية العريقة في إنجلترا (التي وصلت إليها منذ زمن طويل قبل التيار الذي تدفق إليها من الشرق في القرنين 19، 20) ومنها إسرة مونتيفيوري ولوسداس ... وساسون .. الخ جاءت كلها من الوعاء الايبيري الخليط ولا يمكنها الادعاء بالإنتساب الى أصل نقي أكثر نقاء من اليهود الأشكنازي" (9).
المزراحيم:
وهم اليهود الشرقيين الذين كانوا يقيمون في المغرب العربي والعراق وإيران وأفغانستان واليمن وكان هؤلاء يتحدثون كل بلغة بلده وموطنه.
ولا يمكن اعتبار كل اليهود الذين كانوا يقيمون في هذه البلدان من أبناء هذه البلاد أصلاً. بل أن أعدادا كبيرة منهم قدمت من بلاد الخزر "ففي العراق على سبيل المثال وصل تعداد اليهود في عام 1947 الى 18 ألف نسمة، بينما كان عددهم في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حوالي 50 ألف نسمة. وفي وسط آسيا كان تعداد اليهود في عام 1856 يقدر بعشرة آلاف نسمة، ثم قدر في عام 1921 بـ 45 ألف نسمة، ولم تحدث هذه الزيادة نتيجة للعوامل الطبيعية وإنما نتيجة لهجرة الكثيرين من اليهود الاشكناز من روسيا" (10).
فأعداد اليهود الحقيقية في تلك البلدان كانت تتناقص في الواقع فـ "تغيير أعداد كبيرة من اليهود لديانتهم واعتناقهم للإسلام قد أديا الى تضاؤل تعدادهم في المجتمع علاوة على هذا فإن حرص اليهود على تحديد النسل .. لعب دوراً مهماً في تضاؤل تعدادهم" (11).
ويضاف الى ذلك تحول الكثير من يهود بعض البلدان الأسلامية الى الديانة المسيحية نتيجة للنشاط التبشيري خاصة في إيران "حقاً فقد كانت ظاهرة إعتناق اليهود للديانة المسيحية شائعة في إيران أكثر من أي بلد آخر" (12).
ولولا بروز الظاهرة الاستعمارية، والحركة الصهيونية في القرن التاسع لكانت حركة الاندماج الطبيعي لليهود في مجتمعاتهم العربية والإسلامية قد أخذت دورتها الطبيعية.
فعلى سبيل المثال فـ "صدور مرسوم كرسية - الذي منح حق المواطنة الفرنسية ليهود الجزائر - وإقامة مدارس جماعة "كل شعب إسرائيل أصدقاء" في المغرب قضت على إمكانات إندماج اليهود في مجتمعاتهم" (13).
لقد تآمر الاستعمار الغربي والحركة الصهيونية على اليهود الشرقيين (المزراحيم) لإقتطاعهم من مجتمعاتهم، لاستغلالهم أبشع استغلال في مشروع صهيونية الخزر كما سنرى لاحقاً.
===================================
(1) كوستلر: ص 148
(2) كوستلر: ص 236 - 237
(3) كوستلر القبيلة الثالثة عشر ص 179
(4) أنظر: المصدر السابق ص 180
(5) كوستلر: ص 172
(6) المرجع السابق ص 172 نقلاً عن كوتشلر
(7) المرجع السابق ص 173 نقلاً عن كوتشلر أيضاً
(8) كوستلر: ص 172 نقلاً عن مقال لـ سمث في مجلة جمعية الدراسات الشرقية لجامعة جلاسكو
(9) أنظر كوستر ص 174
(10) عبد الوهاب المسيري: الايديولوجية الصهيونية ص 61
(11) كوستلر: القبيلة الثالثة عشر ص 186 - 187
(12) تحرير: صموئيل أتينجر اليهود في البلدان الإسلامية ص 26
(13) المصدر السابق ص 27