الجهة الرابعة: أما ما يتعلق بالكوثري وعبد الفتاح أبي غدة، فالأول معروف وحاله مشهور في معاداة أهل السنة وتلقف أي طعن يراه ولو كان باطلا لينشره عنهم وخصوصا ابن تيمية، ولا أحب الكلام عن هذا الرجل، وأما عبد الفتاح أبي غدة رحمه الله تعالى فقد كان أقل عدواة ومجاهرة لأهل السنة وخصوصا ابن تيمية والله أعلم بحاله، أما أن ينقد على ابن تيمية أو يصحح له فليس من هذا بسبيل.
وكما قلت:
فهم لهم يعني ابن حجر وغيره ممن اهتم لذكر تلك المسألة عن ابن تيمية فضل وعلم، لكن قد جعل الله لكل شيء قدرا.
أما من يزيع هذا الكلام فهم أصناف كثيرة من الناس:
- منهم من هو طالب علم فيه خير - مثلك ولا نزكي على الله أحدا -، لكنه ليس بذاك القوي في علوم الحديث وأصولها فيتكلم في هذا الباب بنوع تسرع وينقل كلام ابن حجر واللكنوي وذلك لما يراه في كتبهم من سعة اطلاع ونقول كثيرة متباعدة.
- ومنهم من هو لا طالب علم ولا غيره، ولكنه ممن يتكلمون بما لا يعرفون ويهرفون بما لا يتقنون وهؤلاء لا كلام معهم.
- ومنهم من هو من أهل البدع في باب العقائد قد تعنى دراسة علم الحديث مثل الكوثري وأبي غدة والسقاف وممدوح سعيد فيكررون هذا الكلام لموافقته لأصول اعتقادهم ومساعدته لهم في الرد على أكبر من رد عليهم وزيف أصولهم وبين ضلالهم.
أما ما ذكره الأخ صلاح الدين مستدلا به على صحة تقليده لابن حجر ومن تبعه فلا شيء فيه لو تدبره لأمور:
الأول: أما ما أورده ابن تيمية من أن ابن عباس كانت له معايبات يعيب بها عليا فلا شيء فيها، والمعايب هنا لا يقصد بها المثالب وإنما يقصد المخالفات أي أنه يرى بخلاف رأيه.
الثاني: أنه لو عابه بقوله فلا شيء أيضا فمن المعروف عند أهل العلم أنه قد يحدث نوع عيب لقول المخالف إذا كان القول المخالف فيه يراه شديدا على النفس ومن ذلك قول عبادة: كذب أبو محمد في حديث، والمجتهد لا يقال له كذب، وإنما يقصد المعنى اللغوي أي أخطأ، وكذا رؤي التسريب على المخالف في مواطن ليست بالقليلة، ويكفيك قول ابن أبي ذئب في مالك لما ترك حديث البيعان بالخيار: يستتاب مالك فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
الثالث: أن غرض ابن تيمية أن يبين أن أبا بكر وعمر كانا أجل في نفس ابن عباس من علي وكان يراهما أكبر منه.
الرابع: أنك قلت: فهل عاب أحد من الصحابة على ابى بكر رضى الله عنه عندما حرق الفجاءة، أو عاب على خالد بن الوليد عندما حرق المرتدين؟ وهما قد سبقاعليافي ذلك بمسمع ومرأى من الصحابة.!!!
فنقول:
فهذا دليل عليك لا لك، لأن ابن تيمية يؤصل أن الشيخان كان أجل عند ابن عباس من علي رضي الله عن الجميع، ولو صح ما فعله أبو بكر ولم ينكر عليه ابن عباس فإن هذا دليل على ما يؤصل له ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ومع ذلك فنقول:الحديث الذي أورده ابن العربي لا يصح فقد أخرجه ابن حزم في المحلى 11/ 380 من حديثه عن عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب أخبرني ابن سمعان عن رجل أخبره قال جاء ناس إلى خالد بن الوليد فأخبروه عن رجل منهم أنهم ينكح كما توطأ المرأة وقد أحصن فقال أبو بكر عليه الرجم وتابعه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من قوله فقال علي يا أمير المؤمنين إن العرب تأنف من عار المثل وشهرته أنفا لا تأنفه من الحدود التي تمضي في الأحكام فأرى أن تحرقه بالنار فقال أبو بكر صدق أبو الحسن وكتب إلى خالد بن الوليد أن أحرقه بالنار ففعل قالابن وهب لا أرى خالدا أحرقه بالنار إلا بعد أن قتله لأن النار لا يعذب بها إلا الله تعالى
فالحديث فيه علل:
أولا: ابن سمعان هو عبد الله متروك.
ثانيا: جهالة المخبر لابن سمعان.
ثالثا: انقطاعه بين هذا المجهول وبين الصحابة المذكورين في الخبر.
وساقه من طرق أخري وهي:
¥