[لماذا عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد رضي الله عنهما؟ (بحث مهم)]
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[17 - 11 - 06, 08:04 م]ـ
دراسات في السيرة والتاريخ
لماذا عزل عمر خالداً
رضي الله عنهما
إبراهيم بن محمد الحقيل
مقام الصحابة - رضي الله عنهم - مقام جليل عند الله تعالى؛ فقد اختارهم
من بين العالمين لصحبة أفضل المرسلين، وخاتم النبيين عليه الصلاة والسلام،
وأقام الله تعالى على أيديهم الدين الحنيف في ربوع الأرض؛ فلهم من المنزلة عند
الله تعالى ما ليس لغيرهم - خلا النبيين والمرسلين عليهم السلام -، فرضي الله
عنهم ورضوا عنه؛ كما قال الله سبحانه:] وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ
وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ [(التوبة: 100).
ولهم من المنزلة عند الموحدين من المسلمين ما ليس لغيرهم؛ فهم يعرفون لهم
فضلهم ومكانتهم التي بوَّأهم الله تعالى إياها، فيحبونهم ويوالونهم، ويبغضون من
أبغضهم، ويعادون من عاداهم.
ومحبة المؤمنين للصحابة - رضي الله عنهم - هي جزء من محبتهم للرسول
صلى الله عليه وسلم، كما أن بغض أهل الضلال من الكفار والمنافقين والمبتدعة
للصحابة - رضي الله عنهم - هو جزء من بغضهم للنبي صلى الله عليه وسلم
قصدوا ذلك أم لم يقصدوه، علموه أم جهلوه. قال ابن مسعود - رضي الله عنه -:
«اعتبروا الناس بأخدانهم» [1]، وقال الإمام مالك - رحمه الله تعالى -: «إنما
هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك؛ فقدحوا في
أصحابه حتى يقال: رجل سوء؛ ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين»
[2].
وبغض الصحابة - رضي الله عنهم - وانتقاصهم هو في واقع الأمر بغض
للدين وانتقاص له من وجهين:
الوجه الأول: أنهم على دين النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهم أصحابه
وأخلاؤه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المرء على دين خليله فلينظر
أحدكم من يخالل» [3]؛ فدينهم هو دين النبي صلى الله عليه وسلم، وانتقاصهم هو
انتقاص لدينهم.
الوجه الثاني: أنهم حَمَلَةُ الدين وناقلوه إلينا. قال أبو زرعة الرازي - رحمه
الله تعالى -: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق،
والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح أوْلى بهم
وهم زنادقة» [4].
ومن أعظم ما يزهِّد الناس في شريعة الله تعالى القدح في نَقَلَتها، وقد رأينا
كيف أن أعداء الإسلام من مستشرقين حاقدين، ومنافقين مندسين لا يجترئون على
القدح المباشر في الشريعة؛ لئلا يثيروا الناس، ولكيلا ينفِّروا من أقوالهم
وطروحاتهم المتزندقة، يعمدون إلى غمز الصحابة - رضي الله عنهم - ولمزهم،
وإبراز الروايات المنكرة والموضوعة، واختزال التاريخ الإسلامي كله فيها، ومن
ثم تقديمها للناس على أنها خلاصة تاريخ المسلمين، وواقع السابقين من الصحابة
والتابعين، والأئمة المهديين، والقادة المجاهدين، على شكل قصص أو روايات،
أو دراسات تاريخية، أو ما أشبه ذلك. وكثيراً ما تُقَدَّم هذه الكتابات الطاعنة في
الصحابة - رضي الله عنهم - في قالب يزعم أصحابه الحيادية والموضوعية
التاريخية، ويدَّعون أنهم ينطلقون في كتاباتهم عن الصحابة - رضي الله عنهم -
من فراغ عن أي خلفيات فكرية مترسبة قد تؤثر بالحكم سلباً أو إيجاباً على
الروايات المنقولة عنهم. والمقصود من هذه المقدمات التي يقدمونها في كتاباتهم
الطاعنة في خير البشر بعد النبيين إكساب القارئ الطمأنينة فيما يكتبون، وجعل
أنفسهم محل ثقته وقبوله.
ولا خير فيمن يكتب عن رجالات الأمة الفضلاء وهو يعلن عدم انحيازه لهذه
الأمة؛ بل اتخذ بديلاً عنهم أعداء الإسلام من المستشرقين والمبتدعة، فانحاز إليهم
بفكره وقلمه، ثم إذا هو يزعم الموضوعية والحياد فيما يكتب، وكاد المريب أن
يقول: خذوني!!
وخلال سنوات مضت وقفت على كتابات عدة من مقالات ودراسات وقصص
¥