تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قد جاءت روايات لتبين أن علي رضي الله عنه خرج من المدينة في إثر أصحاب الجمل، و هذا الأمر لم يحدث، بل الصحيح أنه خرج من المدينة عاقداً العزم على التوجه إلى الكوفة ليكون قريباً من أهل الشام، و لم يخرج في أعقاب أصحاب الجمل.

و في ما يلي بيان هذا الأمر:-

أ- ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من المدينة أقام في - الربذة - عدة أيام، و هذا الصنيع من علي رضي الله عنه لا يشبه صنيع من خرج يطلب قوماً. هذا فضلاً عن أن - الربذة - تقع على طريق الكوفة بينما أصحاب الجمل كانوا يسلكون طريق البصرة.

ب- كذلك ذكرت بعض الروايات أن علياً رضي الله عنه حين خرج من - الربذة - توجه إلى – فَيْد، انظر: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق البلادي (ص239). - ثم - الثعلبية، انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 78) - و هذه الأماكن من منازل طريق الكوفة، و هذا يعني أن علياً لم يكن يتعقب أصحاب الجمل، وإلا لترك طريق الكوفة و قصد طريق البصرة. خاصة أن من أراد البصرة و كان خارجاً من المدينة فإنه يتجه إلى – النَّقِرَة، انظر: معجم البلدان (5/ 298) - التي تقع على طريق الكوفة، و منها يتيامن حتى يصل – النِّباج، انظر: معجم البلدان (5/ 255) - التي تقع على طريق البصرة. انظر: كتاب المناسك للحربي (322،587).

لكن علياً رضي الله عنه لم يفعل ذلك بل تعدى النقرة و واصل سيره إلى فيد ثم الثعلبية. أنظر حول هذا الموضوع مع نقد الروايات في ذلك كتاب استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص183 - 184).

هنا و بعد أن عسكر علي رضي الله عنه في الربذة، أرسل رسولين لاستنفار الكوفيين، و هما محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر، فأخفقا في مهمتهما لأن أباموسى الأشعري والي الكوفة لعلي التزم موقف اعتزال الفتنة و حذر الناس من المشاركة فيها. سنن أبي داود (4/ 459 - 460) بإسناد حسن.

و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه البخاري في صحيحه (13/ 58) من طريق أبي وائل قال: دخل أبو موسى و أبو مسعود على عمار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم، فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمت أمراً أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، و كساهما حلة ثم راحوا إلى المسجد.

فاتجه علي إلى - ذي قار: ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة. معجم البلدان لياقوت الحموي (4/ 293 - 294) - قرب الكوفة و عسكر بها، و منها أرسل عبد الله بن عباس و أتبعه ابنه الحسن و عمار بن ياسر لاستنفار الكوفيين. تاريخ الطبري (4/ 482) بسند صحيح إلى الزهري مرسلاً، و الفتح (13/ 63). و كان السبب في تغير وجهة السير، هو أن علي رضي الله عنه سمع بأنباء القلاقل التي حدثت في البصرة و أدت إلى خروج عامله عنها.

روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بعث علي عماراً و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا و الآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. و روى كذلك عن أبي مريم قال: لما سار طلحة و الزبير و عائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر و الحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه و قام عمار أسفل الحسن. فاجتمعنا إليه فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، و لكن الله تبارك و تعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي. قال الحافظ في الفتح: و مراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع علي، و أن عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام و لا أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمار و شدة تحريه قول الحق. و قال أيضاً: قال ابن هبيرة: في هذا الحديث أن عماراً كان صادق اللهجة و كان لا تستخفه الخصوصية إلى أن ينتقص خصمه، فإنه شهد لعائشة بالفضل التام مع ما بينهما من حرب. انظر: الفتح (13/ 63).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير