و - أن معاوية رضي الله عنه قد ولى مروان على المدينة و مكة، انظر خبر توليته في: تاريخ الطبري (5/ 293)، فلو صح ما بدر من مروان لما ولاه معاوية رضي الله عنه على رقاب المسلمين و في أقدس البقاع عند الله. لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص202 - 203).
و في أثناء المعركة قال علي للزبير: أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: يا زبير أما والله لتقاتلنه و أنت ظالم له. تاريخ دمشق لابن عساكر (18/ 408 - 410).
روى الحاكم في المستدرك (3/ 365 - 366) من طرق متعددة أن علياً ذكرّ الزبير بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لتقاتلن علياً و أنت ظالم له، فلذلك رجع.
و أخرج إسحاق من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام - رجل من حيه - قال: خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول و أنت لاوي يدي: لتقاتلنه و أنت ظالم له ثم لينتصرن عليك. قال: قد سمعت، لا جرم لا أقاتلك. ذكره الحافظ في الفتح (13/ 60) و انظر المطالب العالية (4/ 301).
و روى ابن عساكر في تاريخه (18/ 410) وابن كثير في البداية (7/ 242) أن الزبير رضي الله عنه لما عزم عل الرجوع إلى المدينة عرض له ابنه عبد الله فقال: مالك؟ قال: ذكرّني علي حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم و إني راجع، فقال له ابنه: و هل جئت للقتال؟ إنما جئت تصلح بين الناس، و يصلح الله هذا الأمر.
و بالفعل فإن موقف الزبير رضي الله عنه كان السعي في الإصلاح حتى آخر لحظة، و هذا ما أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 366) من طريق أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، و فيه أن الزبير رضي الله عنه سعى في الصلح بين الناس و لكن لما قامت المعركة واختلف أمر الناس مضى الزبير و ترك القتال.
و هذا الفعل من الزبير رضي الله عنه هو الذي ينسجم مع مقصده الذي قدم البصرة من أجله، لا كما تصوره بعض الروايات من أنه كان من المحرضين على القتال.
و أثناء انسحابه رضي الله عنه رآه ابن جرموز فتبعه فأدركه و هو نائم في القائلة، بوادي السباع، فهجم عليه فقتله رضي الله عنه، ثم سلب سيفه و درعه. الفصل في الملل و النحل لابن حزم (4/ 239). و قال ابن كثير أن هذا القول هو الأشهر. أنظر: البداية و النهاية (7/ 250).
ذكر الحافظ في الفتح (6/ 264 - 265) و (7/ 102): أن ابن جرموز جاء إلى علي متقرباً إليه بذلك، فأمسك علي السيف بيده و قال: طالما جلى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. أنظر: المسند (1/ 89، 102) و صححه الحاكم في المستدرك (4/ 367) و و ذكره أحمد في كتاب فضائل الصحابة بإسناد حسن (2/ 736 - 737) بلفظ قريب و فيه: جاء قاتل الزبير يستأذن، فجاء الغلام فقال: هذا قاتل الزبير فقال: ليدخل قاتل الزبير النار، و جاء قاتل طلحة يستأذن فقال الغلام: هذا قاتل طلحة يستأذن، فقال: ليدخل قاتل طلحة النار.
و هذا الخبر يؤيده ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (2/ 737) بإسناده حسن، و فيه أن ابن جرموز استأذن على علي رضي الله عنه فقال: من هذا؟ فقال: ابن جرموز يستأذن. فقال: ائذنوا له ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل نبي حواريّ و إن حوارييّ الزبير.
و في تعليل هذه الجرأة من ابن جرموز على قتل الزبير رضي الله عنه يقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (ص322): و كثر في أيامه - أيام عثمان رضي الله عنه - من لم يصحب الرسول، و فُقد من عَرَفَ فضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
هنا ذهب كعب بن سَور بالخبر إلى أم المؤمنين فقال لها: أدركي الناس قد تقاتلوا. و كانت المعركة قريبة من البصرة، فوضع لها الهودج فوق البعير – ورد أن اسم البعير عسكر - فجلست فيه و غطي بالدروع، و ذهبت إلى أرض المعركة لعل أن يوقف الناس القتال عندما يشاهدونها، فلما وصلت، أعطت عائشة المصحف لكعب و قالت له: خلِّ البعير و تقدم و ارفع كتاب الله و ادعهم إليه، فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركوا كعباً يفعل ما طُلب منه، فلما قام كعب و رفع المصحف و أخذ ينادي تناولته النبال فقتلوه، كما جاء في رواية الطبري
¥