(4/ 513) من طريق سيف بن عمر، و ابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 88).
ثم أخذوا بالضرب نحو الجمل، بغية قتل عائشة لكن الله نجاها، فأخذت تنادي: أوقفوا القتال، و أخذ علي ينادي و هو من خلف الجيش: أن أو قفوا القتال، و قادة الفتنة مستمرين، فقامت أم المؤمنين بالدعاء على قتلة عثمان قائلة: اللهم العن قتلة عثمان، فبدأ الجيش ينادي معها، و حين سمع علي رضي الله عنه أثناء المعركة أهل البصرة يضجون بالدعاء، قال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: عائشة تدعو و يدعون معاً على قتلة عثمان و أشياعهم، فأقبل علي يدعو و يقول: اللهم العن قتلة عثمان و أشياعهم. الطبري (4/ 513).
و روى ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 277) و البيهقي في السنن الكبرى (8/ 181) أن علياً سمع يوم الجمل صوتاً تلقاء أم المؤمنين فقال: انظروا ما يقولون، فرجعوا فقالوا: يهتفون بقتلة عثمان، فقال: اللهم أحلل بقتلة عثمان خزياً.
و يؤيد هذا الخبر ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 455) بإسناد صحيح، من طريق محمد بن الحنفية قال: بلغ علياً أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال: و أنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل، قال مرتين أو ثلاثاً. و ارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين ..
يقول الحارث بن سويد الكوفي - شاهد عيان ثقة ثبت - لقد رأيتُنا يوم الجمل، و إن رماحنا و رماحهم لمتشاجرة و لو شاءت الرجال لمشت عليه، يقولون الله أكبر، سبحان الله، الله أكبر. تاريخ خليفة (ص 198) بإسناد صحيح.
ثم إن أهل الفتنة أخذوا يرشقون جمل أم المؤمنين بالنبال و علي يصرخ فيهم أن كفوا عن الجمل، لكنهم لا يطيعونه فصار الجمل كالقنفذ من كثرة النبال التي علقت به. تاريخ الطبري (4/ 513، 533) من طريق سيف بن عمر.
و يقدم الأشتر نحو الجمل فوقف له ابن الزبير فتقاتلا، و لهذا شاهد من حديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (11/ 108) و (15/ 257) بإسناد رجاله ثقاة: أن الأشتر و ابن الزبير التقيا فقال ابن الزبير: فما ضربته ضربة حتى ضربني خمساً أو ستاً، ثم قال: فألقاني برجلي ثم قال: والله لولا قرابتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت منك عضواً مع صاحبه، قال: و قالت عائشة: واثكل أسماء، قال: فلما كان بعد أعطت الذي بشرها به أنه حي عشرة آلاف.
أما قصة صراع ابن الزبير مع الأشتر و قول ابن الزبير اقتلوني و مالكاً، تعارضها الروايات الصحيحة، فقد أخرج الطبري (4/ 520) بسند صحيح عن علقمة أن الأشتر لقي ابن الزبير في الجمل فقال: فما رضيت بشدة ساعدي أن قمت في الركاب فضربته على رأسه فصرعته. قلنا فهو القائل اقتلوني و مالكاً؟ قال: لا، ما تركته و في نفسي منه شيء، ذاك عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، لقيني فاختلفنا ضربتين، فصرعني و صرعته، فجعل يقول اقتلوني و مالكاً، و لا يعلمون من مالك فلو يعلمون لقتلوني. و أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 228).
هنا وصل القعقاع إلى الجمل فخاف على أم المؤمنين أن تصاب فبدأ ينادي بالانسحاب فأخذ الجمل محمد بن طلحة بن عبيد الله فقتل رضي الله عنه فأخذ القعقاع الجمل و سحبه خارج المعركة.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 285) بسند صحيح أن عبد الله بن بديل قال لعائشة: يا أم المؤمنين أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلتُ ما تأمريني، فقلتِ الزم علياً؟ فسكتت فقال: اعقروا الجمل فعقروه قال: فنزلت أنا و أخوها محمد و احتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي، فأمر به علي فأدخل في بيت عبد الله بن بديل. و أورده الحافظ في الفتح (13/ 62).
هنا علي رضي الله عنه أصدر الأوامر بأن لا تلحقوا هارباً و لا تأخذوا سبياً فثار أهل الفتنة و قالوا: تحل لنا دمائهم و لا تحل لنا نسائهم و أموالهم؟ فقال علي: أيكم يريد عائشة في سهمه، فسكتوا، فنادى لا تقتلوا جريحاً و لا تقتلوا مدبراً، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.البيهقي في السنن الكبرى (8/ 182) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 257) و (15/ 286) بإسناد صحيح.
¥