قالت العثمانية: تخلَّف عنه ـ أي عليّ بن أبي طالب ـ من الصحابة جماعة، منهم سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن مسلمة، وابن عمر، وأسامة بن زيد وسواهم من نظرائهم.
قلنا (ابن العربي):أما بيعته فلم يتخلف عنها. وأما نُصرته فتخلف عنها قوم، منهم من ذكرتم، لأنها كانت مسألة اجتهادية، فاجتهد كل واحد وأعمل نظره وأصاب قدره.
** قال النووي في شرحه لصحيح مسلم ـ كتاب: فضائل الصحابة:
وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَب تِلْكَ الْحُرُوب أَنَّ الْقَضَايَا كَانَتْ مُشْتَبِهَة، فَلِشِدَّةِ اِشْتِبَاههَا اِخْتَلَفَ اِجْتِهَادهمْ، وَصَارُوا ثَلَاثَة أَقْسَام:
قِسْم ظَهَرَ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي هَذَا الطَّرَف، وَأَنَّ مُخَالِفه بَاغٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ نُصْرَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ التَّأَخُّرُ عَنْ مُسَاعَدَة إِمَام الْعَدْل فِي قِتَال الْبُغَاة فِي اِعْتِقَادٍ. وَقِسْم عَكْس هَؤُلَاءِ، ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي الطَّرَف الْآخَر، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ. وَقِسْم ثَالِث اِشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقَضِيَّة، وَتَحَيَّرُوا فِيهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ تَرْجِيح أَحَد الطَّرَفَيْنِ، فَاعْتَزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ هَذَا الِاعْتِزَال هُوَ الْوَاجِب فِي حَقِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِقْدَام عَلَى قِتَال مُسْلِم حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ لِهَؤُلَاءِ رُجْحَان أَحَد الطَّرَفَيْنِ، وَأَنَّ الْحَقّ مَعَهُ، لَمَا جَازَ لَهُمْ التَّأَخُّر عَنْ نُصْرَته فِي قِتَال الْبُغَاة عَلَيْهِ. فَكُلّهمْ مَعْذُورُونَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَلِهَذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْحَقّ وَمَنْ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع عَلَى قَبُول شَهَادَاتهمْ وَرِوَايَاتهمْ، وَكَمَال عَدَالَتهمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.اهـ
** قال ابن حجر في الفتح في كتاب المناقب ـ مناقب علي بن أبي طالب القرشي:
وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعدما كان ..
... قال الحاكم في المستدرك (3/ 115):
«هذه الأخبار الواردة في بيعة أمير المؤمنين كلها صحيحة مجمع عليها، فأما قول من زعم أن عبد الله بن عمر،و أبا مسعود الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وأبا موسى الأشعري، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وأسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإن هذا قول من يجحد حقيقة تلك الأحوال ... ».
** قلت (صلاح الدين):
يستفاد مما سبق:
*حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المودة والحب المتبادل رغم إختلافهم حيال هذه الفتنة.
* أنَّ عليّا رضي الله عنه لم ينزع كل عمال عثمان رضي الله عنه كما زعمت ذلك بعض المصادر.
*أنَّ عليّا لم يول أحداً من أهل بيته على الكوفة أو الشام أو مصر ـ وهي البلدان التي تتوفر بها القوة والأموال ـ كذلك لم يستعمل أحداً من آل البيت على المدينة عند خروجه منها، وهي عاصمة الخلافة.
*أنَّ من آثر اعتزال الفتنة لا يعني بالضرورة امتناعه عن البيعة.
* خطأ من ادّعى أن بيعة عليّ تخلف عنها الصحابة من السابقين الأولين من المهاجرين أو الأنصار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 01 - 07, 09:06 ص]ـ
حبيب ابن أبي ثابت عن ابن عمر منقطع
والصواب أنه قصد ابن الزبير بالفئة الباغية
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[22 - 01 - 07, 06:24 م]ـ
بسم الله والحمد لله
محمد الأمين
حبيب ابن أبي ثابت عن ابن عمر منقطع
والصواب أنه قصد ابن الزبير بالفئة الباغية
الأخ الأمين
الفئة الباغية هي التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها التي تقتل عمار، وهي بلا خلاف بين أهل العلم هي التي قاتلها علي رضي الله عنه.
أما ابن الزبير ـ رضي الله عنه وعن أمه وخالته وأبيه ـ لم يكن هو الفئة الباغية
¥