وحتى لا ينحرف الموضوع عن مساره ويستمر تزوير التاريخ السني، نقول:
لم يكن ابن عمر –و هو أفضل و أفقه أهل زمانه– راضياً عن معارضة ابن الزبير لخلافة يزيد. حيث إن يزيد بن معاوية –في نظره– يمثِّل الخليفة الشرعيّ للمسلمين، و أنه قد أعطى البيعة، و لذا لا يجوّز الخروج عليه. و قد كان رضي الله عنه يعْلم نتائج معارضة ابن الزبير، حيث سيكون هناك حربٌ و قتالٌ بين المسلمين، و يُقتل الناس و تبتلى الأمة، و تُعَطّل الثغور و يتوقف الجهاد في سبيل الله، إلى غير ذلك من المفاسد التي يعتقد ابن عمر أنها ستحدث لا محالة إذا استمر ابن الزبير في معارضته.
فأعلن بأن قتال ابن الزبير إنما هو لأجل الدنيا و أخذ يخبر الناس و يحذرهم أن قتالهم و مناصرتهم لابن الزبير إنما هو قتال على الملك فقط. و كان ينظر لابن الزبير و من معه على أنهم بغاة، و تمنى مقاتلتهم لبغيهم على بني أمية. و لم يكتف ابن عمر بذلك، بل كان دائم المناصحة لابن الزبير و يحذِّره من عواقب الفتن، و كان يعرّفه بأن نهاية هذه المعارضة ستكون بائسة له. وليت ابن الزبير رضي الله عنه استجاب له ولباقي فقهاء الصحابة.
و ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يتمنى –قبل وفاته– قتال الفئة الباغية، و حين سئل عن الفئة الباغية قال: «ابن الزبير بغى على بني أمية فأخرجهم من ديارهم و نكث عهدهم». الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة 61 - 80هـ) (ص465). و ذكر ابن عساكر في تاريخه (31/ 193): عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر، إذ جاءه رجل من أهل العراق فقال له: «يا أبا عبد الرحمن. إني و الله لو حرصت على أن أسمت سمتك و أقتدي بك في أمر فرقة الناس، فأعتزل الشر ما استطعت، و إني أقرأ آية من كتاب الله محكمة فقد أخذت بقلبي، فأخبرني عنها. أرأيت قول الله عز وجل {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلو .. الآية} اخبرني عن هذه الآية».، فقال له عبد الله بن عمر: «ما لك و لذلك؟ إنصرف عني». فقام الرجل و انطلق حتى توارى منا سواده. فأقبل علينا عبد الله بن عمر فقال: «ما وجدت في نفسي شيء من أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي، من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله». فقال حمزة: فقلنا له: «و من ترى الفئة الباغية؟». قال ابن عمر: «ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم فأخرجهم من ديارهم و نكث عهدهم».
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[23 - 01 - 07, 01:21 م]ـ
الحمد لله
محمد الأمين
بل الخلاف في تعيين تلك الفرقة (إن صح الحديث) معروف عند أهل العلم.
الأخ الأمين ... هداني الله وإياك إلى الحق
لا أدري لماذا تشكك في الأحاديث الصحيحة! وتتجاهل الحقائق التي عليها السلف في تعيين الفئة الباغية!
فقول النبي عليه الصلاة والسلام لعمار:" تقتله الفئة الباغية" من الأحاديث الصحيحة
قال الحافظ ابن عبد البر:
وتواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تقتل عمار الفئة الباغية ". وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو من أصح الأحاديث.
قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى:
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق} وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال عن الحسن: " {إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين}. وفي الصحيحين عن عمار أنه قال: " {تقتله الفئة الباغية} وقد قال تعالى في القرآن: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}.
فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون وأن علي بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له والله أعلم.اهـ
وقال أيضاً:
ولهذا كان علي وأصحابه أولى بالحق وأقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه كما في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " {تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين فتقتلهم أولى الطائفتين بالحق}. وروي في الصحيح أيضا: " {أدنى الطائفتين إلى الحق}. وكان سب علي ولعنه من البغي الذي استحقت به الطائفة أن يقال لها: الطائفة الباغية؛ كما رواه البخاري في صحيحه عن خالد الحذاء {عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد واسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى به ثم أنشأ يحدثنا حتى إذا أتى علي ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن}. ورواه مسلم عن أبي سعيد أيضا قال: أخبرني من هو خير مني أبو قتادة {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار - حين جعل يحفر الخندق - جعل يمسح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية تقتله فئة باغية}. ورواه مسلم أيضا عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {تقتل عمارا الفئة الباغية}. وهذا أيضا يدل على صحة إمامة علي ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار - وإن كان متأولا - وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي وعلى هذا فمقاتله مخطئ وإن كان متأولا أو باغ بلا تأويل وهو أصح القولين لأصحابنا وهو الحكم بتخطئة من قاتل عليّاً وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين.اهـ
وهناك الكثير في هذا الشأن.
ولعلني أُبين بعض الأمور التي ذكرها الأخ الأمين (وجانبه فيها الصواب) في مداخلته السابقة بشأن ابن الزبير رضي الله عنه.
¥