نظرياته نقلا من كتاب إمتاع السامر ومنها على سبيل المثال: نسب تغالبة الدواسر والجميلات إلى تغلب بن حلوان بن قضاعة وتفسير الإمتاع لمصطلح قبيلة هتيم وغير ذلك من الآراء التي نُسبت للجاسر وهي في حقيقتها منقولة - بعد تعديل طفيف - من الإمتاع. وبالرغم من زعم محققي الدارة الذين تولوا التعليق على الكتاب بأن الكتاب مصنوع ومؤلف حديثاُ ومنسوب لشعيب الدوسري الذي يرونه أمياً عامياً لا يرقى أن يكون مؤلفاً فلدي ما يثبت أن هذا الكتاب قديم فعلا ومتداول في نجد في القرنين الماضيين وربما يكون شعيب عاميا لكنه ورثه من والده وجده فمن الواضح عندي أن ابن لعبون العنزي الوائلي (ت سنة 1255هـ) قد نقل من هذا الكتاب بعض أحداثه ومنها نقله عن أمير الدواسر واسمه / عتبة بن عيسى التغلبي (تغلب بن حلوان) وناهض الجميلي (وجميلة من جرم من قضاعة) ضمن أحداث سنة 780هـ وهي حادثة تفرد فيها كتاب إمتاع السامر ولا ريب أنها تسربت إلى كتاب ابن لعبون منه. ويفسر بوضوح السبب الذي جعل ابن لعبون يُشكك بوائلية تغالبة الدواسر التي أشار إليها عند ذكره لقبائل عنزة وتفرعاتها فنحن إذا أمام مصدر قديم وليس مصنوع في العصور الحديثة كما يزعم محققي الكتاب المعاصرين. والحقيقة كما قلنا كان يجب على الدارة التعامل مع الكتاب بشكل طبيعي وتحقيقه وفق المتعارف عليه أي نفي ما يُنفى وإثبات ما يُثبت دون المبالغة في تهويل شأن الكتاب وتصويره وكأنه كتاب سحر وشعوذة مع أن غيره من الكتب النجدية أولى منه بهذه الصورة القاتمة.
الكيل بمكيالين عند محققي الدارة:-
إن كتاب إمتاع السامر في طريقة سرده لا يختلف كثيرا عن الكتب المُسماه (مصادر التاريخ النجدي) بل إنه يفضلها في غزارة المعلومات والأسلوب وكم القصائد المذكورة به. يقول الشيخ أبو عبدالرحمن العقيل أحد الذين تولو التعليق (بشكل منفصل) عن كتاب إمتاع السامر مانصه: " يبدأ التاريخ سنة 132هـ بقلم مؤرخ يزعم أنه ألفه في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري فلا تجد احالة لمصدر معروف وتجد أحداثاً وشعراً فلا تطمع أن تجد لهم ذكرا في مؤلفات بين 130هـ إلى 1350هـ لأنه لا وجود لهم إلا في خيال ابن القرن الرابع عشر الذي يتلقى عن القرن الثاني الهجري مباشرة بلا واسطة!! " أ. هـ
وأقول: فات على شيخنا أبن عقيل أن مصادر التاريخ النجدي طافحة بأحداث سابقة لكاتبيها ودون إحالة لمصدر بل إن معظمها روايات عامية فهذا الفاخري ينقل لنا في منتصف القرن التاسع الهجري (سنة 850هـ) أن مانع المريدي قدم من بلد الدروع قرب القطيف رغم أن الفاخري عاش في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ولم يحلنا لمصدر أو ترجمة عن مانع المذكور!!!
بل ولقد أثبتنا في السطور السابقة أن ابن لعبون نفسه قد نقل عن الإمتاع فلماذا لا يُعامل كتاب ابن لعبون والفاخري ينفس الأسلوب الذي عُومل به كتاب الإمتاع؟! أليس هذا كيل بمكيالين؟
كذلك لم نجد تعامل محققي الدارة مع كتاب (مثير الوجد في أنساب ملوك نجد) الذي تولى التعليق عليه ابن عقيل ومعلوم أن صاحب الكتاب ابن جريس قد صنع سلسلة وهمية عن نسب آل سعود وعلق عليها تعليقات مصنوعة ومع ذلك لم يًُعامل الكتاب بمثل ما عُومل به كتاب إمتاع السامر!!
أما الدعوى بأن كتاب إمتاع السامر قد نقل أحداثا مجهولة وترجم لشخصيات خرافية وادعى أنساباً لكثير من الأرومة الشريفة لجعلها تُنسب إلى قحطان فهو لا يعدوا أن يكون انحيازا لمؤلف أجزم أن الكثير لم يسلم منه وأولهم مؤلفي التاريخ النجدي وأنسابه فهناك من نسب آل سعود إلى تميم وهناك من صنع الأنساب مثل المغيري بل إن القاريْ لكتاب المغيري يهوله هذا التجني على الأنساب والتاريخ ومع ذلك كتبهم تتعبر مراجع مباحة في المكتبات يُؤخذ منها وُيرد.
بل إن محققي الدارة مثل الرويشد والحميد لم يلتزموا بنصوصهم التي كتبوها سنة 1419هـ حيث تغيرت تعليقاتهم على الكتاب سنة 1427هـ فعند إشارة كتاب الإمتاع عن نسب آل سعود إلى عنزة حلفاً وأن أصلهم يعود إلى مذحج قام المحققون بنقل نص الشيخ / حمد الجاسر الذي نسب آل سعود إلى المصاليخ من عنزة
لكن في القسم الثاني تجاهل المحققون نسب آل سعود وردوهم إلى حنيفة رأسا دون الإشارة إلى المصاليخ وقبيلة عنزة الوائلية بل ألمحوا في إحدى تعليقاتهم إلى احتمالية وجود وائل آخر لقبيلة عنزة غير وائل ربيعة المعروف وهي نظرية تم إنشائها حديثا لأهداف ليست خافية على أحد.
فتفسير ذلك أن التعليق الصادر سنة 1419هـ كان مقتصراً على كل: عبدالرحمن الرويشد ومحمد الحميد لكن دخول كل من الأخوين فايز البدراني وراشد بن عساكر (بشكل غير مباشر) إلى الطبعة الثانية 1427هـ أحدث ما أحدث!! ليثبت أن بعض مفكرينا وباحثينا للأسف تأخذهم العاطفة الإقليمية والقبلية وتجعلهم يحاولون تحوير نسب بني وائل الذي لم ولن يُعرف أحد غيرهم بهذا النسب على الإطلاق. منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام.
¥