وشمران وغامد وزهران ثم قبائل مذحج (قحطان) وخثعم (ناهس شهران) وقسم فيهم بقايا قبائل قضاعة واستمر هذا الترتيب يتعاقب عليه الأمراء من ال يزيد حتى أيام الأمير (حسن بن علي آل عائض) ووضع مجلس شورى يضم مشايخ عسير السراة وتهامة فقط وجعل (السقا) مركز إمارته بعد (أبها) وبنى في جبل (جلب) قصره المشهور الذي سماه (القرن).
وتفرعت أصول هذه القبائل بعد القرن السادس إلى فروع أصبحت أصولاً لقبائل تضم عشائر عديدة , وتطرق لها والدي في كتابه (المتعة) , وذكر منازلها القديمة في جنوب الجزيرة.
خشي العباسيون أتساع نفوذ علي بن محمد على تلك المنطقة وخافوا من امتداده الى الحجازين وسير بني أمية وانصارهم نحوه فوجهوا له الجيش إثر الاخر غير أن هذه الجيوش كانت تفشل في مهمتها حتى جهز له المهدي قبل وفاته جيشاً كثيفاً بإمرة (عبدالله بن عبد الرحمن بن النعمان الغامدي الأزدي فالتقى به في بلاد غامد وجرت معارك بين الجانبين انتهت بمقتل الأمير علي بن محمد عام 169 فبايع العسيريون مكانه أبنه عبد الله فتابع القتال وتمكن من قتل قائد الغزاة عبد الله بن عبد الرحمن بن النعمان الغامدي وشجعه موت الخليفة المهدي وتولي ابنه موسى الهادي مكانه وكان ضعيفاً وبقي عبد الله أمير عسير حتى قتل ايام الرشيد فخلفه في الامارة ابنه خالد واستمرت الإمارة في أحفاده (واستوفى في متعته أخبار المنطقة وأحداثها وحروبها ورجالها في هذه الحقبة)
جاء في وصف الأمير علي (معتدل القامة , ممتلئ الوجه أبيض اللون واسع العينين كبير الرأس بدين الجسم ضخم الكف أخنس الأنف طموحاً جلداً عالي الهمة ذا قوة وشجاعة وله شعر يدل على طموحه وصبره وجلده وعزة نفسه)
ودون شعره السيد المطهر الجد الأعلى لآل الأهدل حيث كان من رجال الأمير خالد وكانوا بالرهوة ودخل بعضهم في رفيدة بن عامر الأزدي ويعرفون الآن بال الشريف وبقية آل المطهر دخلوا اليمن في مطلع القرن الرابع وتفرقوا فيها وقد أرخ المطهر للمنطقة وسمي كتابه.
((مزيل الشجن في أخبار دول اليمن))
وقد وصف الأمير علي بن محمد رحلته الشاقة في قصيدة جاء فيها:
نَجَوْنا كِراماً مِنْ مَهالِك تَغْتلي * بخدنٍ لَهُ في عُنُقِ شَانِئنا فِعْلُ
وقد أوغلوا فتكاً وغَطَّتْ دِمَاؤنا * بريقَ سُيوفٍ واشتدَّ بِهِمْ غِلُ
أَشاحَتْ ولم تَضْربْ كما أزورتِ القنا * عليهم كأنَّ المرهفاتِ بها نَبْلُ
ولم يُرْعِنَا ما حلَّ نحن بنو الوغى * صَمَدْنا ولم نَأْبَهْ وإن كثر القتلُ
وأحْنَقَهُمْ مِنَّا ابتسامُ ثغورِنا * وأضحكنا إذْ صار حِقْدُهُمْ يَغْلو
علونا خفافاً كل صهوةِ ضامرٍ * وفي كلَّ نجد نحو غايتنا نعلو
على لاجبٍ صِنْوِ العقاب ِ إذا عَدتْ * لتفتكَ في أفراخهِ الصُّقُرُ الصعلُ
وحولي من آلِ الغِياثِ ترافَلَتْ * ليوثٌ غِضابٌ كلٌ شيمتها نبلُ
يواكبنا من آل كلب فوارسٌ * حماة أباةٌ لا يُفارقُها الجذلُ
أجازوا بنا بيداءَ عز سلوكها * ولم يثنهم وعر بنجد ولا سهلُ
نجونا من آل فطرس إِنَّهمْ * ذئابٌ أرادوا الغدر وانتصَب النَّصْلُ
يريدون بالإسلام والعربِ غيلةً * فيا لؤم ما خطُّوا ويا لؤمَ ما غلُّوا
وأزْروا بنَا أَنَّا عنابسةٌ إذا * غضبنا ففي أَعقابِ غضبتنا حَلُّ
فغضبتُهمْ في رَهْجِها أعجَميَّةٌ * يَقُومُ بها علجٌ ويسمو بها نَغْلُ
وأعطوا أماناً يرتجون توَصُّلاً * لغايتهم كما يحلُّ بنا الوَيلُ
ولم يكفِهمْ ذاكَ الذي ثارَ وانبَرى * يُطاوِلُهُ منا الخليفةُ لا يَأ لُو
ونادى ارجعُوا فالأهلُ نحنُ يشُدُّنا * لعبدِ مَنافٍ في عَراقتِهِ أصْلُ
أرادَ بنا غدراً أنُصغِي لقولِهِ * وسَفْكُ دِمانا ما يودُّ ويَسْتَلُّ
فأيُّ أمانٍ بات يُعطيه ثائِرٌ * وسلْطَتُهُ بغيٌ وبيعتُهُ بُطْلُ
سأغدو شجيً في نحرِهِمْ بتَوَثبِي * ويأخُذُهُ عني الغَطَارِفَةُ الشُبلُ
أُمَيَّةُ فلننأى كراماً أَعِزَّةً * لنا في فجاجِ الأرضِ منتجعٌ يَحْلُو
فذلِكَ طوْدُ الحزِّ أصبح مَرْيضاً * لأبطالِنا يأوي له السادةُ الجُلُّ
ونحنُ بِهِ نحميه من كلَّ ظالِمِ * ودون ذراه في مقابضِنا صُقْلُ
نخوضُ غِمارَ الحربِ لا نرهبُ الرَّدى * وتلك شُباةُ السيف في حُكمِها الفَصْلُ
ولم أُلْقِ بالاً للمطيِّ تلاحقَتْ * لتغدِرَ بي والغدرُ من طبعِهِ العَِّلُّ
¥