تاج ذوي المعالي ويعسوبها، وبغية الرائدين ومطلوبها، من كشفت له العناية ستورها، وقابلته مطالع السعد بنورها، وأينعت له ثمار المحاسن، وتعطرت بنشر رائحته المجالس والمساكن الأمير بن الأمير بن الأمير علي بن محمد بن عائض، أفاض الله عليه أمزان الرعاية العامرة، وخصه من الخيرات بالسهام الغامرة، وجعله للمجاهدين حرزاً مكيناً، وحصناً حصيناً، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد الذي انتشر دينه القويم، ومشى على الصراط المستقيم، وعلى آله، وعترته الذين صرفت بهم المحن، وثبتت أقدامهم عند موجان الفتن ... وبعد،
فلما ركبت أيها الرئيس جواد العز المبين، ولبست قميص المجد الرصين، وجانبت مركز الباطل المهين، أدركت درجة، وقد تفاوتت فيها الرتب، وتحاكت في إدراكها الركب، فأصبحت مخيماً في قلب اليقين، وقوضت خيامك عن أوهاد الأسفلين:
فأنت اليوم لم تُعرفْ بعيبٍ ,,, ولا دَنَّستْ ثوبكَ إذ نشأتَ
ولا سَابقتَ في الميدانِ زوراً ,,, ولا أهل الغوايةِ قد صَحبتَ
لذلك صِرتَ عيناً ناظرة، وذاتا فاخرة، وأنه قد بلغنا تشميرك للساق، والعزم للجهاد الشاق: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} متعمم بالسحاب، ومتمنطق آلة الطعن والضراب، وقد ذللنا لكم العدى، وجرعناهم كؤوس الردى، وحفرنا في عرصة العز ما يبنى عليه أساس ما وعدنا الله بقوله: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا}.
وقد علمت أنهم خرجوا علينا في العام الماضي بسبعين ألفاً كالجراد المنتشر، فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين، بعد تقليل أعدادهم، وذهاب أمدادهم، وحيث وقد ألهمك الله بالغارة على الدين والدنيا، فأبشر بالبلوغ إلى الغاية القصوى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} ومع مكانتك في سرح المحاربة، لا يخشى إلا من المخادعة والمجاذبة، فقد عرفت عمّك الطريد المسمى غير سعيد، وعرفت دليم الذي هو أغشم من غشيم، ونحن نثق بعد الله في جهودكم، فقطعوا قلوبهم بقطع المسالك، حتى يكونوا ما بين مأخوذ وهالك.
أسمعاني تحمحم الصافنات ,,, وارتجاز الكلمات فوق الكلمات
اسمعاني الولوال تحت العجاج ,,, وضجيج النسا على الأزواج
أسمعنا الله عنكم خيراً، ورفع عن المجاهدين بؤساً وضيراً، وهذا مع الأبيات معروض على الأماجد الكماة، وعلى من صدق وأناب إبراهيم بن عبد الوهاب، وهذه الأبيات:
إذا صدق المخبرُ عن عليٍّ،،، نصيرِ الدين فابشرْ بالفلاحِ
فإن عسيرَ ترمقه بخيرٍ ,,, لكشفِ لثامِ مبيض الصباحِ
فقد طمسَ الأعاجمُ دينَ طهَ ,,, بجُنح ظلامِ مُسودِّ الفتاحِ
وقد أخذوا نساءً محصناتٍ ,,, فأينَ رجالهنَّ أولوا الكفاحِ
وقد أخذوا الرجالَ وعند سوء،،، وأرباب الحمية في نياحِ
فمن يلد الذكور فهو نظام،،، ومن يلد الإناث فاللسفاحِ
ومن يكسب من الأموال شيئا،،، فللخمار يعلم كل صاحِ
فشَمِّرْ سَاقَ عَزمكَ ثم أذِّن ,,, بقحطان وألمع بالفلاحِ
وكرر في النداءِ على عسيرٍ ,,, أولي الراياتِ في روسِ الرماحِ
وإنا نُشغلُ الأعداءَ عنكم ,,, ونَعضُدكم بمصقولِ الصفاحِ
ونحيي دين خالقنا جميعا ,,, ونصر الله يأتي كالرياحِ ".
انظر كتاب " الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور " للعلامة المؤرخ علي بن عبد الله الإرياني 2/ 167
وذكر ذلك أيضا مؤرخ اليمن الكبير العلامة محمد بن محمد زبارة الحسني في كتابه " أئمة اليمن " حيث قال: " في أول شهر رمضان من هذا العام وصل إلى الإمام المنصور بالله الحاج حسن العسيري مندوب أمير بلاد عسير الأمير الشهير علي بن محمد بن عائض بن مرعي العسيري بمكتوب منه، يتضمن البشرى بالوقعة التي طارت بها الركبان، وعلا صوتها جميع البلدان، وكانت في آخر شعبان من هذا العام، وكان السبب الباعث لها أنه لما تناهى الظلم من العجم، وانضرمت منهم نيران الفتك بالعرب، وتطاولوا إلى الأعراض، وأخذ الأموال العراض، وكان الأمير علي بن محمد بن عائض لما أخذ أباه العجم فقتلوه في سنة 1288هـ ثمان وثمانين ومائتين وألف، واستولوا على مملكتهم، فرحل فسكن الطور في بلاد عسير وهو غلام فلم يزل هنالك، وقد طالبته العجم فلم يتعلق
¥