تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ازداد حديثهم هذا كثرة في الفترات الأخيرة خصوصاً بعد الاحتلال؛ تسمع هذا في الإذاعات والفضائيات، وتقرؤه في الكتب والنشرات، وتجده على ألسنة الناس، حتى من بعض أهل السنة أنفسهم؛ وهذا جهل منهم بلا شك.

في الوقت نفسه تجد أهل السنة يُعرِضون عن هذا ولا يذكرونه أبداً حذراً من دعوى الإثارة الطائفية رغم أن الطرف الآخر لا يحذر مما يحذرون، ويكثر من ذكر ما لا يذكرون.

لقد آن لنا أن نسأل: هل صحيح ما يقوله الشيعة من أنهم الأغلبية، وأن أهل السنة هم أقلية؟ أم أنه مجرد إشاعة تلقتها الألسن ورددتها الأفواه فرسخت في الأذهان لطول التلقي وكثرة الترديد لا؛ لأنه يقوم على مستند من العلم أو أساس من الواقع؟

وآن لنا أن نجيب عن هذا السؤال لأجل أن يعلم الناس الحقيقة من الزيف في الداخل والخارج.

? حقائق لا بد من تقديمها:

وقبل مناقشة الموضوع نقاشاً علمياً إحصائياً أود تقديم الحقائق التالية:

1 - الحق يقوم على الصدق والعلم، ويعتمد البرهان والدليل، والباطل يقوم على التزوير والخداع، ويعتمد الدعاية والتضليل وخلط الأوراق والتلاعب بالألفاظ.

والله يقول: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111].

2 - يمتاز العقل الجمعي للمجتمع البشري ـ أو قل: عقل المجتمع كمجموع ـ بقابليته للتأثر بما يكثر وروده عليه، والتصديق بما يكرر طرقه على سمعه من معلومات مهما كانت خاطئة أو بعيدة عن الواقع؛ فكل ما يكثر إشاعاته ونشره على أسماع المجتمع تجده ـ بعد مدة ـ يرسخ، ويمسي كحقيقة مسلَّمة في أذهان الكثيرين من أفراده.

هكذا انتشرت العقائد الباطلة والأفكار الفاسدة، والنظريات الهدامة، بل الخرافات والأساطير في جميع المجتمعات. ولكل مجتمع عقائده وأفكاره وخرافاته وأساطيره التي رسخت فيه كحقائق مسلَّمة نتيجة الإشاعة والطرْق المستمر، وما اليهودية والنصرانية والبوذية والمجوسية والشيوعية إلا أمثلة على ما أقول.

ومن هذا الباب وجود ما يسمى بـ (الخطأ الشائع) فكثير من المعلومات والاعتقادات والتصورات إن هي إلا أخطاء شائعة لو دُرست علمياً ومُحصت على ضوء الدلائل والبراهين لظهر زيفها وبان خطؤها، ولذلك قيل: (كل مكرر مقرر). ولأهل الباطل مقولة مشهورة (*) تعتمد على هذه الخاصية التي يمتاز بها العقل الجمعي هي: «اكذب .. اكذب حتى يصدقك الناس».

3 - إن التفرقة الاجتماعية والتجزئة السياسية ليست حلاً لأي طائفة أو فئة من فئات المجتمع، مهما كان حجمها كثيراً أم قليلاً، أكثر أم أقل؛ فليس الحل بأن تستحوذ الفئة الكبيرة أو الأكبر على مقدرات البلد، وتظلم الفئات الأخرى وتهضم حقوقها، ولا بأن يقسم البلد أو تتناحر فئاته على أساس اختلاف هذه الفئات.

إن جميع بلدان العالم تتشكل مجتمعاتها من فئات مختلفة في انتماءاتها القومية والدينية والمذهبية والفكرية، ولقد ضمت دولة الإسلام تحت جناحها عشرات الأقوام والمذاهب.

إن الحل في وجود قانون متوازن يسري في أوصال المجتمع فيحفظ للكل حقوقهم.

وتأسيساً على ما سبق أقول:

ليس دافعنا فيما نكتب أن نثبت أننا الأكثرية لتكون لنا الحصة الأكبر؛ فإن كل مسلم واع ووطني صادق لا تقف مطامحه دون الحصة الكاملة يتشارك فيها مع الجميع على قدم المساواة والعدالة؛ حصة يكون الجزء فيه كأنه هو الكل، والكل ممثلاً للجزء. إن صاحب الدار لا يرضى بحصة أو حجرة له فيها مع اللصوص؛ لكن بأن تكون هذه الحجرة لزوجته وتلك لأخيه وثالثة لولده إذا كان هذا التوزيع ضمن الدار الواحدة. إن الذي يريد التقسيم تحت أي ذريعة سارق لئيم، وإن الذي يريد أن يفوز بالحصة الأكبر على حساب الآخرين ظالم معتد أثيم، وفي تراثنا قصة مشهورة ملخصها أن امرأتين جاءتا إلى نبي الله سليمان ـ عليه السلام ـ تختصمان في ولد ذكر كل واحدة منها تدعي أنه ولدها دون الأخرى، وحين نادى ـ عليه السلام ـ بالسكين ليقسمه بينهما ولولت إحداهما وقالت: إنه لصاحبتي، بينما ظلت الأخرى ساكتة، فعرف سليمان ـ عليه السلام ـ أن الولد لتلك التي لم ترض بالقسمة فحكم به لها. إننا نرفض التجزئة ونرفض الظلم على أي أساس كان وأي نسبة كانت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير